الراى السودانى
لم يجد السودانيون مخرجاً من تفاقم الأزمات المعيشية ولو مؤقتا، سوى موروثاتهم الاجتماعية الداعمة لقيم التكافل والترابط الاجتماعي فيما بينهم.
وتزداد الحاجة محليا إلى المبادرات الاجتماعية، بسبب ضغوط اقتصادية على المواطن، لا سيما بعد قيام الحكومة الانتقالية بتطبيق إجراءات الاقتصادية، من بينها رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتحرير سعر الصرف.
في أكتوبر الماضي، طبق السودان سياسة رفع الدعم عن المحروقات التي ساهمت في ارتفاع أسعار السلع بصورة كبيرة.أعقب ذلك، قرار بتوحيد سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار والنقد الأجنبي في فبراير الماضي، في محاولة للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية.
وعلى الرغم من امتلاك البلاد لموارد اقتصادية، إلا أن الفشل في استغلالها عبر الحكومات المتعاقبة جعل نسب الفقر تتفشى وسط السكان، الذين يعانون من أزمات اقتصادية مستمرة.
وتتضارب الإحصائيات الحكومية والدولية حول نسبة الفقر في السودان، فبينما تقول تقارير الأمم المتحدة إن 46.5 بالمئة من سكان السودان يعيشون دون خط الفقر، و 52.4 بالمئة منهم في فقر متعدد، تقول دراسة حكومية أجريت عام 2017 أن الفقر تراجع إلى 36.1 بالمئة.
وفي ظل انفلات معدلات التضخم وبلوغها 341.78 بالمئة في مارس/ آذار الماضي، بسبب الارتفاع المستمر للأسعار السلع الاستهلاكية، فإن ذلك يجعل الوضع المعيشي بالبلاد بالغ التعقيد.
مبادرات اجتماعية
عبر مبادرات فردية وجماعية، يقوم السودانيون بمساعدة المحتاجين والفقراء لقضاء فريضة الصوم، تزامنا مع تفاقم الأزمات والإجراءات الاقتصادية التي طبقها السودان مؤخرا.
وتساهم هذه المبادرات في إعانة الأسر الفقيرة، بمساهمات تتنوع طبيعتها بين العيني والمادي لتوفير احتياجات رمضان لا سيما الغذائية منها.
إلا أن ظاهرة التكافل الاجتماعي تواجه بمعيقات عديدة في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة على القطاع الخاص السوداني، بجانب تأثير جائحة كورونا على مجمل النشاط الاقتصادي.
ويشارك رجال أعمال في تجهيز ما يعرف بـ”الكرتونة الرمضانية”، وهي سلة غذائية تحتوي مواد الحليب والزيت والعدس وبعض المواد الغذائية المستهلكة في رمضان، ويجري تقديمها للأسر الفقيرة.
وفي الشق الآخر، تحمل مبادرات جماعية مسؤولية مساعدة المحتاجين في قضاء شهر رمضان، عبر تأمين المستلزمات الخاصة بالشهر وتقديمها قبل وقت كاف من دخول رمضان.
وعبر مجموعة “مطبخنا أجمل” على وسيلة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، انطلقت مبادرة “القفة الرمضانية” لتوفير مستلزمات رمضان للأسر المتعففة.
و”مطبخنا أجمل” منصة أغلب عضويتها من النساء المهتمات بتطوير المطبخ السوداني، والانتقال بالأطعمة التقليدية إلى تقديمها للعالم بطريقة تكشف الموروثات السودانية.
وأوضحت مشرفة المجموعة على فيسبوك، إشراقة صالح، إن مبادرة “القفة الرمضانية” تنفذها المجموعة للعام الثالث على التوالي وتستهدف الأسر الفقيرة.
تساهم هذه المبادرات في إعانة الأسر الفقيرة، بمساهمات تتنوع طبيعتها بين العيني والمادي لتوفير احتياجات رمضان لا سيما الغذائية منها.
وأكدت صالح، تقديم ما يزيد عن 100 قفة (سلة) رمضانية للأسر الفقيرة، تضم أكثر من تسعة سلع أساسية بكميات تغطي جزء كبير من شهر رمضان.وأشارت إلى أن قيمة هذه السلع جاءت بدعم من أعضاء المجموعة ومن بعض الشركات الخاصة في السودان؛ فيما بلغت قيمة القفة حوالي 10 آلاف جنيه (26 دولارا).
وأكدت على أن مبادرتها تغطي جزءا بسيطا من أعداد كبيرة من الأسر الفقيرة في السودان، متوقعة أن تعمل على تغطية أعداد أكبر في العام المقبل.ولفتت إلى أن مبادرة القفة الرمضانية، جاءت ضمن مبادرات أخرى تحت رعاية المجموعة، من بينها إفطار أطفال الشوارع وتقديم وجبة إفطار لمراكز عزل مرضى كورونا.
وترى ناهد عبد الفتاح، المديرة التنفيذية لمبادرة “ولو بشق تمرة”، أن الأعداد الكبيرة للأسر الفقيرة، تفرض على المجتمع السوداني مد يد العون لهم في كل الشهور، لا سيما رمضان الذي له خصوصيته.ومبادرة “ولو بشق تمرة” هي مبادرة طوعية أنشئت في 2015، تعمل على مساعدة الفقراء في تأمين العلاج والكساء وبعض احتياجات الحياة الضرورية.
وأكدت “عبد الفتاح” ، أن الحقيبة الرمضانية إحدى المعونات التي تقدمها المبادرة منذ أن أنشئت لعدد من الأسر المحتاجة بشكل دوري.
إلا أنها أقرت بالتأثير السلبي للإجراءات الاقتصادية الأخيرة على الدعم الذي كانت تجمعه المبادرة من بعض رجال الأعمال والشركات الكبيرة المتأثرة بالإجراءات الاقتصادية الأخيرة .
وأوضحت أن المبادرة تقوم على تجميع مبالغ ومواد عينية من جهات مختلفة، عبر الإعلان عنها في وسائل التواصل الاجتماعي أو بالاتصال المباشر لتجهيز الحقيبة الرمضانية.
وأشارت إلى وجود صعوبات اقتصادية هذا العام، بالإيفاء بالمواد التي كانت تتضمنها الحقيبة في كل عام بما اضطر المبادرة لتخفيضها بنسبة تصل إلى 50 بالمئة.وكشفت عن انخفاض عدد الحقائب هذا العام إلى 150 حقيبة مقابل 200 حقيبة رمضانية العام الماضي.
(الأناضول)