اعتبر تجمع المهنيين السودانيين قرار وزارة المالية “بتوحيد” سعر صرف العملات الأجنبية بأنه إلقاء للعملة الوطنية، ومعها كامل الاقتصاد السوداني في البحر بلا عدة أو تدريب، وأرجع ذلك لأن القرار من الناحية الفنية لم يسبقه إصلاح وإعادة هيكلة للجهاز المصرفي بما يؤهله لمقابلة متطلبات هذه النقلة من خلال عمليات دمج البنوك وفتح قنوات المراسلين ورفع كفاءة الخدمات المصرفية، إلى جانب بناء احتياطيات تسمح بالتأثير على سعر الصرف بحسب الاحتياجات المنظورة، كي لا تعود السيطرة بعد حين إلى أيدي المضاربين.
وقال تجمع المهنيين في بيان له أمس أن القرار من الناحية الاجتماعية سيخلق واقعًا اقتصاديًا جديدًا يؤدي لارتفاع كبير في معدلات التضخم وزيادة الضغوط المعيشية على الشرائح الضعيفة والعاملين بأجر، مما سؤدي إلى انهيار الطبقة الوسطى والعودة لسيناريوهات تسعينات القرن الماضي، وقلل التجمع من المساعدات المالية المقترحة لأنها ستأتي في ظل الاختلالات الاقتصادية ورجح أن التضخم سيبتلع أي قيمة لبرامج المساعدات المالية المقترحة ويحيلها إلى هباء، ومثل لذلك بماحدث مع الزيادات في رواتب الموظفين الحكوميين .
ونوه الى أن القرار جاء بعد أيام من تشكيل الحكومة الجديدة استباقًا للأجل المضروب لمراجعة صندوق النقد الدولي لتقدّم الحكومة السودانية في تنفيذ اتفاق الإصلاحات الهيكلية الخاضع للمراقبة (إس إم پي) وأردف لا عذر لها في ضعف الإعداد لهذه الخطوة، مع اختلافنا معها، ما دامت مصرة على المضي في تنفيذ ذلك الاتفاق.
وانتقد استمرار السلطة الانتقالية نحو الهروب للأمام في تعاملها مع ملف الاقتصاد؛ لأن الحكومة تركت الإصلاحات ذات الأولوية المتعلقة بإحكام سيطرة الحكومة وضم المؤسسات الاقتصادية التابعة للمكون العسكري لولاية المال العام وإنهاء التسرب اليومي لثروات البلاد عبر التهريب “النظامي” للذهب وغيره، بالاضافة الى ضرورة الإصلاح القانوني والمؤسسي لمحاربة الفساد وسوء إدارة المال العام، وأكد أن كل تلك العوامل تجعل من قدرة الدولة على الإفادة مما يمكن تحصيله من قروض أو هبات أمرًا يثير مخاوف جدية قد تهدر هذه الفرص رغم ما سيتكبده المواطنون من تضحيات.
ودعا التجمع الجماهير للتصدي لذلك بالتنظيم النقابي وكل وسائل الضغط للحصول على الأجور العادلة التي تحفظ وتحسن قدرته الشرائية لمجابهة الأوضاع المترتبة، ولإجبار السلطة على التصدي للأولويات المُهملة بدلًا عن مواصلة سياسة وضع مزيد من الأثقال على كاهل المواطنين
الجريدة