تقارير وحوارات

بهاء الدين عيسى يكتب :سلام السودان بين الرباعية والسيادة

البيان الصادر عن وزارة الخارجية السودانية في الثالث عشر من سبتمبر 2025 جسّد موقف الحكومة الحازم في مواجهة محاولات تقويض سيادتها الوطنية. الحكومة شددت على أن أي تدخل خارجي يجب أن يتم وفق شروطها ومقتضيات شرعيتها.

مؤكدة رفضها المساواة بينها وبين ما وصفتها بـ”المليشيا الإرهابية” التي تسعى لتدمير الدولة بمساعدة مرتزقة أجانب. كما أشار البيان إلى إخفاق المجتمع الدولي في إلزام الأطراف المتمردة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بدارفور وحصار الفاشر، مؤكداً أن الحل يجب أن ينبثق من التوافق الوطني الداخلي وإرادة الشعب السوداني. هذا الموقف يعكس نزعة سيادية واضحة وسط أفق إقليمي ودولي معقد، حيث تتداخل مصالح دول الجوار والقوى الكبرى مع الأزمة السودانية.
هل ستنجح الرباعية؟

بيان الرباعية الدولية جاء بصياغة دبلوماسية موسعة، مؤكداً على وحدة السودان وسيادته، لكنه ربط الأزمة بمسارات إقليمية ودولية أوسع. أبرز ملامح البيان الدعوة إلى وقف الحرب باعتبار أنه “لا يوجد حل عسكري”، وطرح جدولاً زمنياً لانتقال سياسي مدني خلال تسعة أشهر، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين. كما شدد البيان على أهمية الأمن الإقليمي، خصوصاً في البحر الأحمر، وحذر من أن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع يفاقم الأزمة ويطيل أمدها، في رسالة غير مباشرة للقوى الإقليمية التي تتدخل في الصراع. بهذا، وضعت الرباعية الحكومة السودانية تحت ضغط مزدوج: ضرورة المشاركة في عملية سلام دولية مقابل الحفاظ على سيادتها ومكانتها الداخلية.
أي طريق ينتظر السودان؟
التقاطع بين بيانات الحكومة والرباعية يكشف عن هدف مشترك: حماية المدنيين وتحقيق الاستقرار، لكنه يعكس اختلافاً جوهرياً في المسار. الحكومة ترى أن الحل يجب أن ينبثق من إرادة الشعب والتوافق الوطني الداخلي، بينما الرباعية تضغط نحو انتقال مدني سريع بإشراف دولي، ما يجعل السودان أمام مفترق طرق حاسم. فهل سيتمكن الشعب السوداني من صياغة حل داخلي يضمن السيادة والشرعية، أم أن الضغوط الخارجية ستفرض مساراً انتقالياً يحد من قدرة الحكومة على التحكم في مستقبل البلاد؟ في خضم هذه المعركة بين السيادة الوطنية والضغوط الدولية، تبرز الحاجة الملحة لموازنة دقيقة بين حق السودان في الدفاع عن شعبه وأرضه والحاجة إلى دعم دولي لإنهاء الحرب واستعادة الاستقرار. الإجابة على هذا السؤال ستحدد ليس فقط مستقبل الأزمة الحالية، بل مستقبل الدولة السودانية ومكانتها على الساحة الإقليمية والدولية.

 

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى