تحليل سياسي:
بهاء الدين عيسى
إقدام المجلس الرئاسي للحكومة الموازية في السودان على تعديل الشعار الرسمي، باستبدال عبارة “النصر لنا” بـ “الحرية، العدالة، المساواة” وإضافة النجوم الثمانية، يعكس رغبة في صناعة هوية جديدة مرتبطة بالقيم الثورية لا العسكرية. التغيير لم يكن شكليًا، بل محاولة لإعادة تعريف رمزية الدولة وإعلان قطيعة مع المركز التقليدي.
هل يمنح التعايشي الحكومة الموازية شرعية مدنية؟
اختيار محمد حسن التعايشي، وهو شخصية مدنية برزت في اتفاق جوبا للسلام، يهدف إلى إضفاء طابع سياسي مدني على مشروع عسكري. لكن السؤال يظل قائمًا: هل هو رئيس وزراء لحكومة انتقالية حقيقية، أم مجرد واجهة سياسية لمشروع الدعم السريع؟ هذا التناقض قد يضعه في موقف صعب بين الطموح المدني والواقع العسكري.
كيف تؤثر مشاركة عبد العزيز الحلو على المشهد؟
إدماج عبد العزيز الحلو كنائب لرئيس المجلس الرئاسي بأداء “الإعلان الصادق” يفتح الباب لتحالف غير مسبوق بين الحركة الشعبية – شمال والدعم السريع. هذا الدمج يجمع بين مشروعين مختلفين: مشروع العلمنة والعدالة الاجتماعية الذي يطرحه الحلو، ومشروع القوة العسكرية والسلطة الميدانية الذي يمثله حميدتي. لكن إلى أي مدى يمكن لهذا التزاوج أن يصمد أمام التباينات الأيديولوجية؟
ما أبعاد الرفض الإقليمي والدولي؟
قوبل اتجاه الدعم السريع لتأسيس سلطة موازية برفض واسع من الأطراف الإقليمية والدولية، حيث أعلن مجلس السلم والأمن الأفريقي عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة، وأكد مجلس الأمن الدولي الموقف ذاته. هذا الرفض يضع حكومة “تأسيس” في موقع هش دوليًا، ويجعلها أقرب إلى سلطة أمر واقع غير قادرة على انتزاع الاعتراف، مهما اتسعت قاعدتها المحلية.
ومع ذلك، قد يسعى الدعم السريع لاستثمار هذه الحكومة كورقة ضغط سياسية في أي مفاوضات قادمة.
هل يمكن أن يتحول السودان إلى نسخة جديدة من ليبيا أو اليمن؟
وجود حكومتين متوازيتين، إحداهما معترف بها دوليًا في بورتسودان، والأخرى تفرض نفسها كأمر واقع في نيالا، يضع السودان على حافة سيناريوهات مأزومة. الرفض الدولي لحكومة “تأسيس” لا يلغي خطورتها داخليًا، فهي قد تعمّق الانقسام الجغرافي والسياسي وتفتح الباب أمام صراع طويل الأمد يشبه التجارب الليبية واليمنية.