الخرطوم – الراي السوداني
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، دخلت البلاد في دوامة اقتصادية غير مسبوقة، حيث تراجعت المؤشرات الكلية، وتفككت المؤسسات، وتفاقمت الأزمات المعيشية. لم يعد الحديث عن التضخم أو انهيار العملة مجرد أرقام، بل أصبح واقعًا يوميًا يعيشه المواطن السوداني في كل تفاصيل حياته.
من صدمة الحرب إلى شلل الإنتاج
الدمار طال كل شيء المصانع، الأسواق، البنية التحتية، وحتى الثقة في النظام المصرفي. بحسب تقرير للبنك الدولي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 18% في 2023، وسط توقعات بانكماش إضافي يصل إلى 28% بنهاية 2025.
الدولار تجاوز حاجز 3000 جنيه سوداني في السوق الموازي، مقارنة بـ600 جنيه قبل الحرب، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية.
رأي الخبراء.. الزراعة مفتاح النجاة
يرى الباحث الاقتصادي إبراهيم صالحين أن “إصلاح الاقتصاد السوداني يتطلب أولًا إنهاء الحرب، ثم إنعاش القطاع الزراعي الذي يتمتع بإمكانات ضخمة”.
ويضيف أن الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه يمكن أن يدفع نحو التعافي في العام الثالث للنزاع.
وفي السياق ذاته، يشير الدكتور محمد الناير، أستاذ الاقتصاد بجامعة السودان، إلى أن “هناك تحركات حكومية لتنشيط قطاعات إنتاجية مثل المعادن والنفط، والدخول في شراكات جديدة مع دول مثل الصين وروسيا”.
ويؤكد أن استقرار سعر الصرف نسبيًا في الفترة الأخيرة قد يكون مؤشرًا أوليًا على بداية التعافي، لكنه يشدد على ضرورة تبني سياسات اقتصادية جريئة لمعالجة الخلل البنيوي.
مأساة الصناعات الصغيرة
محمد عبد المنعم، صاحب مصنع دمرته الحرب في بحري، يقول إن “أصحاب الصناعات فقدوا كل شيء: المعدات، التمويل، وحتى الأمل. نحتاج إلى إعفاءات وجدولة ديوننا لنعود للإنتاج”.
ويضيف أن كثيرًا من المستثمرين نقلوا أعمالهم إلى الخارج، ولن يعودوا ما لم يتحقق الاستقرار السياسي وتُعاد الثقة في بيئة الاستثمار.
هل يحمل 2025 بارقة أمل؟
رغم كل هذا الانهيار، يرى المحلل الاقتصادي عبد الخالق محجوب أن “فرص الانتعاش لا تزال قائمة، خاصة مع قرارات مثل استبدال العملة، التي قد تعيد الكتلة النقدية إلى النظام المصرفي”. ويضيف أن الحكومة بدأت تستوعب صدمة الحرب، وبدأت في اتخاذ إجراءات كانت مطلوبة منذ سنوات.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل تكفي هذه الخطوات لإنقاذ اقتصاد أنهكته الحرب، أم أن الطريق لا يزال طويلًا نحو التعافي الحقيقي؟
