اخبار السودانتقارير وحوارات

لحظة إنسانية واحدة.. أظهرت الوجه الحقيقي للشعب السوداني

لحظة إنسانية واحدة.. أظهرت الوجه الحقيقي للشعب السوداني

بقلم بهاء الدين عيسى

في أقل من 12 ساعة، أظهر الشعب السوداني قدرة استثنائية على التضامن والوقوف مع بعضهم البعض. قصة الممرضة رانيا حسن في مدينة تبوك السعودية ليست مجرد حادثة فردية، بل نموذج حي يوضح كيف يمكن لمجتمع أن يتحرك بسرعة مذهلة لإنقاذ أحد أبنائه.

الفزعة في 12 ساعة

لم تمر دقائق طويلة على انتشار خبر احتجاز الممرضة رانيا، حتى انطلقت الجالية السودانية بحملة تبرعات ضخمة. في أقل من 12 ساعة، جمعوا 802 ألف ريال لإنقاذ الممرضة، متحدين ضغوطاً قانونية واقتصادية كبيرة. هذه الاستجابة السريعة تعكس قوة اجتماعية نابعة من قيم التكافل والترابط، وتكشف الوجه الحقيقي للروح السودانية.

القيم الإنسانية تتغلب على الانقسام
ما حدث حول رانيا لم يكن مجرد عمل إنساني فردي. إنه درس عميق في التلاحم الاجتماعي والسياسي. فحتى في أعقاب حرب 15 أبريل وما بعدها، أظهر السودانيون قدرتهم على التعاون والتوحد بعيداً عن الانقسامات والخلافات. القصة تثبت أن الأزمة ليست حكماً نهائياً على الشخصية السودانية، بل انعكاس لتأثر النسيج الاجتماعي بالأزمات الطويلة.

الدروس المستفادة:

1. القدرة على التوحد في المحن: رغم نظام قضائي صارم، تحرك المجتمع السوداني بسرعة وفعالية. أثبتت الفزعة أن القيم الإنسانية يمكن أن تتغلب على العقبات، وأن التعاون الجماعي يصنع الفارق.

2. المرونة الاجتماعية: الشعب السوداني يظل محتفظاً بقيم الخير والفضائل الإنسانية حتى في أوقات الانقسام والصراع السياسي. هذا يعني أن الثقة الاجتماعية يمكن إعادة بنائها عبر مبادرات مدنية وإنسانية، مهما كانت الظروف صعبة.

3. قوة منصات التواصل الاجتماعي: لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في نشر القصة وتحفيز التبرعات بسرعة قياسية. أظهرت الفزعة كيف يمكن للقيادة الرقمية والجماهيرية أن تحرك المجتمع نحو أهداف إنسانية مشتركة بعيداً عن الانقسامات التقليدية.

الفضائل الإنسانية لا تموت

الشخصية السودانية، عند النظر إليها بموضوعية، تمتلك الروح الإنسانية النابضة والفضائل الاجتماعية. الأحداث السياسية والأزمات الطويلة أثرت على ممارستها اليومية، مما أعطى انطباعاً عن السوءات. قصة رانيا تؤكد أن هذه القيم لا تزال حية، وأن التلاحم الاجتماعي قادر على إعادة تشكيل الهوية الوطنية على أساس القيم المشتركة، بعيداً عن الانقسامات السياسية.

رانيا ليست مجرد ممرضة نجت، بل رمز لقدرة المجتمع السوداني على التوحد في أصعب الظروف. القصة تذكرنا بأن التلاحم الاجتماعي والسياسي ممكن إذا ما تم تحفيزه عبر قيم مشتركة ومبادرات مدنية وإنسانية، بعيداً عن لغة الحرب والكراهية.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

بهاء  الدين عيسى

صحفي سوداني بارز، نال جائزة “أفضل إنجاز صحفي” ضمن مشروع كلمات سودانية من المؤسسة الفرنسية للتنمية، يُعرف بجرأته في التحقيقات الاستقصائية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى