(1)
• عبدالسميع كراس، هكذا كان اسمه.. لقب (كراس) اكتسبه لأن جده ينطق حرف الراء ميماً .. وكان يستوقفونه كثيراً ويطلبوا منه ان يقول كلمة يوجد فيها حرف (الراء) .. وقد كانوا كثيراً ما يطلبون منه ان يقول كلمة (كراس) لأنها الكلمة التى كانت متوفرة في ذخيرتهم اللغوية والثقافية حينها وقد كان جد عبدالسميع يقول كلمة (كراس) بطريقة طريفة حتى اطلق على حفيده لقب عبدالسميع كراس .. في السودان الشيء ليس بالضرورة ان تكون هنالك علاقة تجمعه بشيء اخر حتى تربطه به .. فقد كان فقد كان عبدالسميع عاملاً في السكة الحديد مع ذلك كان في المساء يدخل في هيئة اخرى كانت سبباً في ان ينادونه اذا حل المساء بـ(يا دكتور) وقد كان ينسجم في الشخصية ويصدق نفسه حتى يشكون له من بعض الامراض التى يعانون منها.
• نحن في حارتنا نمنح لقب (استاذ) لكل شخص تريد ان تستلف منه (قلم) لتكتب رقماً او مذكرة ثم تعيده له.
• عبدالسميع بملامح يبدو عليها الفتر – مثل (مشوار العصاري) في اغنيات احمد الجابري .. بعد ان بلغ من العمر عتياً بنظارة طبية تجعله في هيئة (الفيلسوف) التى يظهر بها في الافلام الانجليزية القديمة .. قال عبدالسميع كراس وهو في هذه الهيئة ان تربيته وعلامه في ابنه قد ضاع سدى وهو يندب حظه ويضرب يداً على يد بما يتناسب مع نظرته (الطبيبة) الحزينة.. لا اعرف ماذا جنى ابنه.. لكن الاكيد انه خذله .. وان الخذلان هذا نفسه سوف يكون لبعض دقائق يعود بعدها عبدالسميع كراس فخوراً بابنها.
• في قريتنا ايضاً رجل اسمه (كودراش) لا اعرف من اين جاء هذا الاسم ، غير انهم كانوا يقولوا ان اصوله (تركية).. كودراش هذا ظل لأكثر من ثلاثين عاماً يصلح في سيارته الاثرية .. لم اشاهده إلّا وهو في حالة تأهب لإصلاح السيارة او لشراء (اسبير) لها .. يخيّل لي ان عمره كله انفقه في اصلاح سيارته.
• بعد كل هذه السنوات قابلت كودراش وهو في حالة اشبه بالحالة التى كان فيها عبدالسميع كراس عندما خذل في ابنه.. كودراش كان يقول بعد ان استوقفته انه اكتشف ان المشكلة ليست في السيارة .. وإنما في الميكانيكي .. اكتشف ذلك بعد (30) عاماً من الاصلاح والتجديد (مع الاعتذار لمبارك الفاضل).
(2)
• دائماً تستوقفني الانتقادات التى توجه للبرهان وحميدتي والاتفاق على هذا الامر عند جميع الناس وكلنا شركاء في هذه الفضيلة.
• علينا ان ننتقد انفسنا لأننا جعلنا اولئك القادة على قمة الهرم الحكومي في الدولة.
• لا احد يستطيع ان يحكم شعباً بدون ارادته او رغبته.
• نعلق كل الازمات وكل الاشكاليات على البرهان وحميدتي .. ونحن من صنع البرهان وحميدتي… او نحن من صمت عليهما.
• ما يفعله الناظر تِرك وبرطم ومناوي واردول يؤكد ان البلاد بدون حكومة… مما نتخوف؟
• هذا الشعب يملك حق الاطاحة بالحكومة في أي وقت .. لا تعنيهم المليشيات ولا الرصاص ولا الغاز المسيل للدموع ولا الحاويات كثيراً .. لهم ثلاث تجارب في الثورات الشعبية والإطاحة بالحكومات العسكرية.
• شعب بهذه التجارب هل يمكن ان تحكمه حكومة انقلاب 25 اكتوبر؟
• تملكون من القوة .. ما تحققون به اهدافكم وآمالكم وتطلعاتكم في الحكم.
• في هذا الجانب الشعب السوداني هو الشعب الوحيد الذي يستطيع ان يحقق (احلامه) في السلطة .. اسهل شيء عندهم (امر ازالة فوري للسلطة) .. او امر اطاحة بالحكومة.
• على النطاق الشخصي ورغم امد صبرنا الطويل (16) سنة ثم (30) سنة إلّا ان احلامنا نعرف كيف نحققها على حساب (العسكر).
• دعوني اقول ان حميدتي ليس غلطان .. وكذا الحال بالنسبة للبرهان .. هما الآن في (مهلة سماح) .. يختبران فيها قدرتنا على الصبر عليهما.
• لا تلوموا البرهان او حميدتي .. ولا تجعلوهما (شماعة) للفشل او الاخفاق او الحالة التى فيها البلد الآن .. انتم من صنعتم ذلك .. وعندما اقول انتم .. اقصد انفسنا جميعاً.
• تبقى الحكومة الحالية في السلطة برغبة الشعب او بصبر الشعب .. عندما ينفد رصيد الشعب من الصبر سوف تتم الاطاحة بها.
• لذلك في كل ازمة وفي كل علة .. خاطبوا انفسكم ووجهوا اللوم لها بدلاً من ان توجهوا ذلك نحو البرهان وحميدتي.
• لقد اعتدنا على ان القادة والرؤساء والحكومات ان يكونوا ضيوفاً عند الشعب السوداني .. متى ما حانت ساعة الصفر سوف تتم الاطاحة بهم.
(3)
• بغم
• لا تقلقوا .. نحن نجرب الآن فضيلة (الصبر) بعد ان جربنا فضيلة (الصمت) ثلاثين عاماً .. ثم تكلمنا اخيراً.
• فقط اقول لكم لا تصبروا اكثر من ذلك.
• وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).