من أعلي المنصة
ياسر الفادني
صاحب لسه بيناتنا المسافة …عدي فات
الآن كلنا نبكيك في هذا اليوم الأغبر الراحل المقيم الخالد فينا شعرا ولحنا وجمال ، الشاعر النحرير صلاح حاج سعيد
صلاح حاج سعيد صاحب المدرسة السيريالية في مضمار المفردة السودانية الأصيلة الجزلة، صاحب العبارة الجاذبة التي تمتزج بالعاطفة الجياشة ، صاحب رمزية غريبة ويعتبر من ملوك رواد الحداثة في الشعر الغنائي، صلاح حاج سعيد ظل ملتزما بالموسيقي الشعرية وجرس العبارة الرنان
لسه بيناتنا المسافة تعد أعذب ما كتب واهدي للراحل المقيم مصطفي سيد ، هذه القصيدة إتخذ فيها أسلوب الخوف والانتظار وأظهر هذا النبض العاطفي حسا عندما قال : والعيون واللهفة والخوف والسكون ، حتي أنه جعل للحزن صوت خيالي راقي رنة الحزن البخافا…بالفرحة وتموت وامشي بالحسرة وأموت ، حياته كلها كانت عبارة عن جسم حي ينبض ألقا دمه من رهافة…. وقلبه مفعم بالإحساس والجمال
الراحل له تاريخ مكتوب من ذهب في صفحات الأغنية السودانية الراقية ، كتب أجمل الأغنيات الخالدة تغني بها أرقام من اعمدة الفن السوداني ، ( ماقلنا ليك لمحمد ميرغني وعثمان مصطفي في( البينا ماساهل ) وكتب ما (قلنا ليك الحب طريق قاسي وصعيب من اولوا) و(لقيتو واقف منتظر ) للقامة الطيب عبدالله ، (نور بيتنا شارع بيتنا) للبلابل وهذه رائعة لايمكن تجاوزها في مسيرة الراحل المقيم
صلاح حاج سعيد بحث عن هذه الحياة المعقدة عبر ركوبه سرج الكلمات فوق فرسها الأصيل ، تعبيره عميق وأحاسيسه متسامحة حتي أنها تجاوزت خط الخيبات العاطفية ، بل يتسم بباحة واسعة من الشكوي يفهمها المتلقي مباشرة دون حواجز أو حتي وساطة ، صلاح حجاج سعيد صاحب مدرسة حزن عجيبة لكنها إتسمت بالصدق والتاوهات الباطنية المكتومة التي لا تخرج اهة صوتية ولكن تخرج اهات من أسلوب شعري عالي العصف وصافي الذهن وخصب الخيال
الراحل موسوعة شعرية من ذهب خالص ، مثلما ….كتب بمداده لسه بيناتنا المسافة ولا ندر هل قربت هذه المسافة ام زادت بعدا في حياته لكنها زادت الان بيننا وبينه ؟ كتب أيضا : عدي فات ، و حقيقة عدي فات ، ذهبت الروح الطيبة، ذهبت المفردة الأنيقة، ذهب الجمال ، رحمات ربي عليك فكن مع الخالدين.