لا تزال عمليات التربص بالسلام والاستقرار في دارفور تتواصل، وأولئك المتربصين الذين يتاجرون بدماء أهل دارفور لن يهدأ لهم بال، فقد أدمنوا وأصبحوا مصاصي دماء للاستفادة من حالة اللا استقرار واللا أمن واللا سلام لمكاسب رخيصة.
فقد أشعل أولئك الفتنة من جديد بعد أن تمكَّن نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، من إخماد نيرانها في غرب دارفور ولكنهم سعوا لخلق توتر في الحدود والذي جاء متزامناً مع زيارة حميدتي إلى إنجمينا وزيارة وزير الدفاع التشادي إلى الخرطوم بعد أن أمَّنت الزيارتان على قوة ومتانة هذه العلاقة وزيادة مستوى التنسيق الأمني في حدود البلدين.
وإزاء هذا التنسيق فقد فجع مواطنو الجنينة بمجزرة لم تشهدها حدود الدولتين من قبل، فقد شيَّع المواطنون جثامين (18) شهيداً، تم اغتيالهم عصر الخميس بمنطقة بير سليبة بمحلية سربا على الحدود مع تشاد إثر كمين تعرَّضوا له أثناء تتبعهم أثر إبل نهبت الأربعاء من قبل المتفلتين التشاديين .
وكان على رأس المشيِّعين نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، ونائب والي غرب دارفور الأستاذ التجاني الطاهر كرشوم، والفريق الركن خالد عابدين الشامي نائب هيئة الأركان عمليات، والفريق محمد إبراهيم ممثل الشرطة واللواء أمن أبو عبيدة ميرغني ممثل جهاز المخابرات، ولجنة أمن الولاية.
وحميدتي الذي قدَّم واجب العزاء لأسر الشهداء طالب المواطنين بضبط النفس حتى تستطيع الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تحفظ حقوقهم، مؤكدًا أن حماية المواطنين مسؤولية الدولة لجهة أن الدولة مسؤولة عن حماية حدود البلاد، وقال إن مسألة تكرار الاعتداءات على المواطنين في الحدود السودانية التشادية هي مسؤولية القوات المشتركة وأن هنالك قرارات ستتخذ، موجهاً المواطنين بعدم التجمهر واتباع الأثر وإنما ذلك مسؤولية القوات المشتركة، مشيراً إلى القرارات الحاسمة التي اتخذت بشأن الحدود خلال الاجتماع الطارئ للجنة الأمن والدفاع على ضوء التطورات الأمنية التي حدثت بالحدود السودانية التشادية والتي راح ضحيتها (18) فرداً، من المواطنين السودانيين وعدداً من الجرحى.
لجنة أمن ولاية غرب دارفور كانت تتابع عن كثب هذه الاعتداءات وأنها اتخذت قرارات بشأنها، مطالباً بضبط النفس وإعمال الحكمة، وترك أمر حمايتهم للسلطات المختصة.
وعلى ضوء تلك الاعتداءات عقدت لجنة الأمن والدفاع اجتماعاً مشتركاً طارئاً بين الخرطوم والجنينة عبر تقنية الزوم برئاسة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، رئيس مجلس السيادة القائد الأعلى لقوات الشعب المسلحة ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو، مساء ذات اليوم، على ضوء التطورات الأمنية، وتم خلال الاجتماع المشترك بين لجنة أمن الولاية ومجلس الأمن والدفاع، بعد دراسة للوضع الأمني، التوافق على عدد من التوصيات والقرارات.
وقد ناقش الاجتماع تداعيات الأحداث المؤسفة بمحلية سربا التي قام بها عدد من الجناة التشاديين بهجوم على الرعاة حيث قتل ثمانية عشر مواطناً، وجرح سبعة عشر آخرين.
تقدّم نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، بالتعازي لأسر شهداء أحداث منطقتي بئر سليبة وعرديبة التي وقعت في الأيام الفائتة بولاية غرب دارفور والتي تسببت في إزهاق عدد من الأرواح وفقد عدد كبير من الماشية.
وَنقل حميدتي خلال زيارته المنطقة التي وقعت فيها الأحداث تعازي رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عبد الرحمن وأعضاء المجلس، وتعازي الرئيس محمد إدريس ديبي رئيس دولة تشاد.
وأكد أن هنالك إجراءات اتخذت من جانب حكومة دولة تشاد لاسترداد الأموال المنهوبة والقبض على الجناة،
وقال: وجدنا تعاوناً منقطع النظير من الرئيس محمد إدريس ديبي، وأنه تأسف على عدم حضوره شخصياً لتقديم واجب العزاء على أرواح الشهداء نسبة لوجوده خارج بلاده، مشيرًا إلى وصول وفد تشادي رفيع للسودان لتقديم واجب العزاء في الشهداء، مؤكداً سعيه لإحلال السلام بين الدولتين لجهة أنهما أشقاء تربطهما علاقات أزلية، كاشفًا عن اجتماعات للقوات المشتركة السودانية التشادية في منطقة (برك).
وانتقد الفريق أول دقلو البيان الذي أدلى به ممثل القوات المشتركة من الجانب التشادي، مشيرًا إلى أن البيان حوى معلومات مغلوطة .
وكشف دقلو عن أن هنالك من يزرعون الفتن بين الأشقاء في الدولتين ويعملون على استغلال هذا الحادث لإرسال رسائل سلبية بهدف الوقيعة بين البلدين، وأضاف: (في ناس شغالين مديدة حرقتني في السودان وتشاد)، مشيراً إلى تقصير الحكومة في حماية الحدود وزاد اللوم بكامله يقع على الحكومة التي فرطت في حدودها وتركتها مفتوحة دون ضوابط، لافتاً إلى أن القرارات التي أصدرها مجلس الأمن والدفاع في اجتماعه الطارئ المشترك، شدَّدت على ضبط الحدود والتعامل بالمثل مع كافة الدول وفي كل الإجراءات، وأردف: منذ اليوم حدودنا سنضبطها بشكل كامل (تاني همله مافي ولا نريد مشاكل).
وأوضح أن الحكومة تعمل على المحافظة على علاقات الجوار وفقاً للمصالح المشتركة والاحترام المتبادل حافظاً على سيادة الدولتين.
وأشاد نائب رئيس مجلس السيادة بصبر وجلد أهل الضحايا، مثمناً تعاونهم مع القوات النظامية، مطالباً بضبط النفس والتروي وعدم التسرُّع والاستجابة لأي استفزاز من أي جهة، مؤكدًا أن الحكومة عازمة على عدم تكرار مثل هذه الأحداث وستقوم بحماية الحدود.
كما طالب المواطنين بعدم التستر على أي مجرم أو حرامي، مشيراً إلى أن الأمن مسؤولية الجميع وعلى المواطنين مساعدة القوات النظامية لأداء مهمها حفظاً للأمن والسلام، وأردف قائلاً: “لا نريد حماية لأي حرامي وأن الحرامي محلة السجن”.
وشدَّد دقلو، على أهمية الاهتمام بتعليم الأطفال والشباب من أجل تطور وتنمية المجتمع، وضرورة تطهير وتصفية النفوس من الأحقاد والضغائن والعيش في سلام كأمة واحدة يجمعها الدين والوطن.