مقالات

أحمد يوسف التاي يكتب: فصل جديد من مأساة المزارعين

(1)

هاتفني أمس أحد المزارعين نيابة عن العشرات من زملائه، يحمل رسالة يبثُ فيها شكوى وأحزان المئات من المزارعين، شكوى تصور واقعاً مريراً لضحايا عفصتهم الدولة  بـ(خُفها) وأناخت عليهم بـ(كلكلها) بل غدرت بهم وخدعتهم فـ”حدث ما حدث”… المزارعون الطيبون يريدون منا توصيل شكواهم وأحزانهم إلى الحكومة، والحقيقة الشاخصة أنني لم اتحمس لتوصيل صوت المزارعين للحكومة عبر هذه الزاوية، وذلك لثلاثة أسباب، الأول، لأنه لا توجد حكومة أصلاً حتى نعرض عليها مشاكل المزارعين أو غيرهم، والسبب الثاني، إن وُجدت حكومة فهي مجرد لافتة فقط، وغير قادرة على فعل أي شيء لأنها مشلولة تماماً ولا تملك من أمرها شيئاً، وأما الثالث فإن من يحمل معولاً لهدم الإنتاج الزراعي ويدمر المزارعين لن يبني (سويبة)…

(2)

لا شك أنني احبطتُ صاحبي حين قلتُ إن الموجودين على السلطة الآن ليس من أولوياتهم الزراعة والمزارع والإنتاج الزراعي ولا تصدير المنتج الزراعي  ولا حماية المنتج من أذرع ومخالب الأخطبوط، ولا المخزون الاستراتيجي، ولا يفكرون أصلاً في ماهو استراتيجي، فهم مشغولون بحماية القصر الجمهوري حتى لا يصل إليه المتظاهرون، والشق التاني من “كورجة” الأحزاب الانتهازية مشغولة بالبحث عن مداخل لكراسي السلطة التي انتزعت منها في 25 اكتوبر عقب الانقلاب العسكري ـ عفواً الإجراءات التصحيحية ـ فهي تبحث عن سلطة ـ أي سلطةـ في الفترة الانتقالية، كما يبحث الجرو الجائع عن عظم، ولأنها لن تصل إليها بالانتخابات..

(3)

إذن لنتحدث عن مأساة مزارعين هنا وهناك فقط من أجل توثيق جرائم الدولة ضد أعظم شريحة من شعبها وليس من أجل الحل، وليكون ذلك شاهداً على “بلطجة” بعض المؤسسات الحكومية وخداعها للمزارعين وشبهة تآمرها لتدمير المنتج المحلي وذبحه من الوريد للوريد، وليس عشماً في إدراك المزارعين وانتشالهم من غيابة الجُب الذي قذفتهم فيه تلك المسماة مجازاً حكومة.

(4)

الدولة شجعت المزارعين على زراعة القطن المطري في مناطق الزراعة الآلية بدلاً عن زراعة الذرة والسمسم بغرض التنويع، ووعدت بالتمويل ولم تفعل… جازف المزارعون وزرعوا مساحات واسعة من أجود أنواع القطن من أجل التصدير، وأعلنت الدولة سعراً تركيزياً 45 ألف جنيه للقنطار ولكن الكارثة أنها احتكرت شراء القطن لشركة واحدة فقط… تكدست كميات كبيرة من القطن في عدد من المحالج والشركة عجزت عن الشراء فخفضت السعر من الـ45 ألف جنيه المعلنة سعراً تركيزياً إلى 25 ألف جنيه و27 ألف في أحسن الحالات حسبما يروي المزارعون..

(5)

أما في بداية الموسم وعدت وزارة المالية على لسان الوزير جبريل بإعلان سعر تركيزي محترم بالنسبة لكل المحاصيل الزراعية وذلك لتخفيف الصدمة على المزارعين بعد أن رفعت الدولة الدعم عن الجازولين، فأصبح المزارع يشتري برميل الجازولين بمبلغ 150 ألف جنيه بدلاً عن 2 ألف جنيه… الآن تكلفة جوال الذرة في بعض المناطق وصلت إلى 12 ألف جنيه، ترى كم سيكون السعر التركيزي المشجع للمنتج ؟ أخشى أن يتمخض الفيل عن (أبجعران ميت) …. جبريل وفي معرض تخفيف صدمة قرار رفع الدعم عن الجازولين وعد المزارعين أيضاً بإعفاء مدخلات الإنتاج من الرسوم الجمركية، ولكن الحقيقة التي ربما يجهلها السيد جبريل أن هذا التخفيض لا يستفيد المزارع منه بمثقال ذرة من خردل، الشركات والبنوك التجارية وحدها التي تستفيد من هذا الإعفاء، ولو مغالطنا يا سيد جبريل أسأل العنبة…!!!….. اللهم هذا قسمي فيما املك.

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

تعليق واحد

  1. يا اسفا على سوداننا…
    ايها السياسيون والعسكريون…اليس منكم رجل رشيد تهمه مصلحة هذا البلد المنكوب بكم وبأنانيتكم الخرقاء؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى