:: بالتزامن مع تسليم السفير عبد الله عمر بشير الحسين مهام منصب وكيل وزارة الخارجية، عاد السفراء والدبلوماسيون الذين وقّعوا على المذكرة الرافضة لإجراءات تصحيح المسار التي اتخذها القائد العام للقوات المسلحة في (25 أكتوبر).. لقد عادوا لمُباشرة مهامهم الدبلوماسية بالخارجية وسفاراتها.. والجدير بالانتباهأ إنهم عادوا بصمت وهدوء.. لم يعلنوا عن (العودة الحميدة)، كما فعلوا عند رفضهم لتصحيح المسار.. كان عليهم الاإلان عن (العودة المباركة)، للعمل تحت رعاية حكومة (البرهان وحمدوك)، وخاصة أنهم لن يعملوا في (خفاء)..!!
:: على كلٍّ، هؤلاء السفراء مشهود لهم بالكفاءة، وبعضهم من ضحايا الصالح العام، أي تذوق طعم الظلم السياسي.. ويبدو أنهم أحسنوا
الاستماع إلى صوت العقل وعملوا به، بحيث يكونوا سفراء لبلادهم، بدلاً عن أن يكونوا مجرد نشطاء لأحزابهم.. وبالمناسبة، التحزب ليس قُبحاً، وليس هناك ما يعيب بأن يكون العامل في أجهزة الدولة العامة متحزباً وصاحب فكر سياسي، ولكن الاستغلال السياسي للوظيفة العامة وتحويرها الى (أجندة حزبية) هو القبح في أوضح أشكاله، وهذا ما لا يليق بالمهنيين، سفراءً كانوا أو غيرهم..!!
:: مرحباً بهم وعوداً حميداً إلى دروب الحكمة والسياسة..
وعلى الحكومة إصلاح أحوال البعثات الدبلوماسية، بحيث أنها تُعاني أوضاعاً مالية متردية للغاية، والإصلاح المرتجى ليس فقط بضخ الأموال، بل بهيكلة القطاع أيضاً.. فالشاهد، طوال عقود النظام المخلوع، وحتى الآن، تهدر وزارة الخارجية موارد الشعب المحدودة في سفارات وقنصليات غير ذات جدوى.. كانت هناك سفارة في أذربيجان التي ليس للسودان فيها جالية ولا تبادل تجاري ولا مصالح سياسية، هذا على سبيل المثال..!!
:: ثم كانت هناك سفارات في أوكرانيا.. التشيك.. المجر.. رومانيا.. اليونان.. بوركينا فاسو.. السويد.. زامبيا.. زمبابوي.. أنجولا.. فيتنام.. موزمبيق.. فنزويلا..
أربيل.. و.. و… هذا غير سفارات النيجر والكاميرون وتايلاند.. تخيلوا.. كم حجم التبادل التجاري بين بلادنا والدول التي ذكرتها على سبيل المثال فقط لا غير.. للأسف لا يوجد أي تبادل تجاري.. وكذلك أبناء السودان المغتربين بهذه الدول ليسو بالحجم الذي يستدعي وجود سفارة أو قنصلية بها فيالق من الدبلوماسيين والملحقين، ومع ذلك أهدروا الكثير من الأموال في تلك البعثات الدبلوماسية..!!
:: ومن مفارقات النظام المخلوع، وهي من الموروثات أيضاً، الكثير من الدول لا تبادل بلادنا التمثيل الدبلوماسي، بدليل أن عدد سفارات وقنصليات بلادنا كان قد بلغ (98 دولة) قبل ثلاث سنوات، بيد أن الدول التي سفاراتها وقنصلياتها في بلادنا لا تتجاوز (58 دولة)، أي رغم عدم وجود كثافة سودانية تستدعي ذلك، إلا أن تمثيلنا الدبلوماسي يهدر المال في دول ليست لها تمثيل دبلوماسي في بلادنا، مع العلم بأن التعامل بالمثل من مبادئ العلاقات الدولية.. فالقطاع الدبلوماسي بحاجة إلى (هيكلة مهنية)،
بحيث لا تكون البعثات الدبلوماية مجرد مشاريع إعاشة..!!