“زواج مستقر، زوجة صالحة، باقة من الأبناء – وربما الأحفاد – الطيبين، ثم نوازع المُراهقة المُتأخِّرة، والحاجة إلى أنثى مثيرة لجدل المشاعر والحواس، ثم حدث ما حدث”.. الكاتبة..!
أغاني البنات التي كسرت منذ سنوات حواجز التّصنيف الفني والجندري وباتت شائعة الأداء بين المُطربين الشباب – وشائعة التذوق والتداول – هي لوحة تشكيلية شارحة ومُفنِّدة لمختلف الظواهر الاجتماعية “المسكوت عنها على وجه الخصوص”. فجرأة مضامينها و”كاجوالية” طرحها وعفوية مفرداتها الخالية من أدوات التشكيل والتنميق والتكلف، تتغنّى ببنات أفكار العقل الجمعي، تبكي بقلبه، وتستبكي غيرها بلسانه، ترصد وتحلل تعقيدات العلاقة بين رجاله ونسائه “بانبهال شديد”، أي على المكشوف..!
خذ عندك مثلاً: أغنية “بنات الجامعة” التي تبنّت منذ سنوات رصد ظاهرة تمزق الصورة النمطية للطالبة الجامعية في أذهان الناس، والتي أصبحت – بحسب مُفرداتها – من التاريخ، بعد أن حلّت محلها صورة الفتاة “العندها رأي” في أولاد جيلها، والباحثة بانتهازية عاطفية عن رجل ناضج “عريس جاد”، حتى وإن كان استثمار تلك الجدية بتعمير بيت زوجية يقوم على أنقاض علاقة زوجية أخرى، أو يتحقّق رغماً عن أنف الندية الأكاديمية والاجتماعية..!
فالزوجة المخذولة – أو الأنثى المكافئة التي تتحدث الأغنية بلسان حالها – تشكو اعتداء بنات الجامعة على حرمات محيطها الخاص، الأمر الذي لا يمكن تحليله بمعزل عن الظروف الاقتصادية، فالشباب المصابون بالإحباط من البطالة وقلة الحيلة قد أعلنوا ثورتهم على الالتزام، وكفرهم الصراح بأخلاقيات العلاقات العاطفية. و”بنات الجامعة” المصابات بالإحباط من سلوكيات الشباب واستهتارهم بمواثيق “الريدة”، أصبح فارسهن المنتظر كهل جاد “زول عَقِدْ”، رجل ناضج لا يغرق في شبر ماء كفتيانهن الحائرين..!
وإن لم يكن ذلك الزول “راجل مرة”، فليكن أعزب مقتدر من طبقة اجتماعية أو فئة أكاديمية أدنى، أو شاب لديه المال والجدية و”نية العقد” مع كونه غير كفؤ لبنت الجامعة بمعايير مجتمعها التقليدي، لكنه بالطبع كان كفؤاً جداً لغيرها التي هجرها هو لأجلها “أوعاك تظلمني.. وما صاح تحاكمني.. عشان بنات الجامعة”..!
وهكذا فإن بنات جامعات قد صرن منذ سنوات مصدر خطر وتهديد دائم لزوجات تقليديات، أو حتى جامعيات سابقات ينتمين إلى زمن آخر، أو حبيبات أعيتهن محاولة مجاراة فنون بنات جامعات هذا الزمن. وعليه فإن خوف بنات الجامعة من شبح العنوسة ولهاثهن المحموم خلف الطرح الجاد والرغبة الصادقة في تأطير العلاقة بات هو مربط فرس الرضا عن عريس الغفلة..!
لكن الوجه الآخر لذات الظاهرة هو أن بنات الجامعة قد تحولن – بمرور الزمن – إلى ضحايا كغيرهن في حكايات خطف “رجال النسوان” تلك. فهن اللاتي يخرجن في نهاية الأمر من دراما تلك الزيجات بخسائر أكبر وحالات إحباط مضاعفة. ثم أن الأغنية ذاتها تؤكد على أن “راجل المرة” يعود في النهاية إلى زوجة الأولى “الفرقة ما بتدوم.. وبكرة برجع لي”. والحقيقة أنه غالباً ما يفعل – بطبيعة الحال – ولكن بعد خراب سوبا..!