نظام الحركة الاسلامية الإرهابي ما أن سطا على السلطة عام 89 حتى فتح أبواب السودان للإرهابيين من كل بقاع الأرض، واستقبلهم بحفاوة وسخر لهم البلد واغدق عليهم بلا حدود، بل ومن أجلهم استعدى العالم سنوات طويلة، وحين شعر بخطورة بعضهم تخلص منهم بطرق مختلفة، وأظن أنه احتفظ بالكثيرين وهم ما زالوا موجودين على الأراضي السودانية، لم يهربوا ولم يخافوا لأن كوادر المخلوع مازالوا يسيطرون على الأجهزة الأمنية، هذا غير أن البلد ما زالت مفتوحة امامهم حتى الأن، وبما أن الحركة الإسلامية أصبحت خارج السلطة، فإننا سنشهد ظهورهم خاصة وأن السودان يعاني من هشاشة أمنية تسمح بدخول داعش والإخوان وبوكو حرام.
الاسبوع الماضي أعلن جهاز المخابرات الوطني انه داهم خلية إرهابية تتبع لداعش وألقى القبض على 11 شخصا من جنسيات مختلفة، وحسب بيانه قال إن العملية تمت بناء على معلومات توفرت له وتمت مداهمة المجموعة في منزل في حي جبرة، ولكنه فقد خمسة من خيرة شبابه قتلوا ولا أحد يعرف كيف، من بينهم مهندس تقنية المعلومات الشاب المشهور انس محمد عبيد الملقب بالجوكر والكل يعرفه من خلال صولاته وجولاته في اختراق المواقع الالكترونية منذ طفولته.
مقتل أنس هذا جعل كل السودان يفكر في كيف تمت عملية المداهمة؟، وما سبب وجود الجوكر مع المجموعة المكلفة بالعملية؟ إذا يفترض أنها مجموعة خاصة مدربة ومؤهلة على هذا النوع من العمليات،حتى مهمة التنصت على المكالمات ليست معقدة أو صعبة ليتم الاستعانة بشخص عبقري في تكنولوجيا المعلومات مثل الجوكر، كان يجب على جهازالمخابرات إبعاده عن العمليات الميدانية بل وإبعاده حتى عن الهواء الطائر، هو ليس عزيز على الوطن، ولكن بالعقل والمنطق هناك ميدانه الذي يجيد العمل فيه ويفترض ألا يغادره ابدا،فمن أمره؟ ولماذا؟.
جهاز المخابرات قال إنه تحرك بناء على معلومات توفرت له، أي يفترض أنه اتخذ كل الإجراءات والاحتياطات التي تجعله يخرج من العملية بلا خسارة أو بأقل خسارة على أسوأ الفروض، فهل كانت المعلومات ناقصة؟ ام أنه لم يستعد بشكل جيد؟ ام استهتر بالعملية ؟ أم ان الأمر اهمال تعود عليه جهاز المخابرات الذي ما زال (كيزانياً) بامتياز؟.
حسب “العربية” فقد اتضح ان عناصر الخلية المصريين يتبعون لجماعة الإخوان،متورطون في عمليات إرهابية في مصر، والآن مصر تطالب بتسليمهم لها، وفي اخبار أخرى احدى السيدات ظل الإخوان في مصر يتحدثون عن أنه تم إخفاؤها قسريا وها هي ظهرت في السودان تمارس الإرهاب، ويبدو أن أفراد الخلية يعيشون في السودان منذ سنوات طويلة، وربما يكون النظام المخلوع هو الذي استضافهم واغدق عليهم (وكان شايلهم لعوزة) وقد جاء الوقت ليردوا له الجميل بالقيام بعمليات إرهابية تربك المشهد السوداني.
هذه ليست المرة الأولى بعد سقوط النظام المخلوع تلقي السلطات القبض على ارهابيين اجانب بحوزتهم أسلحة ومتفجرات أو يعملون في التزوير والتهريب وغيرها من الجرائم، وهذا بلا شك يقودنا إلى فتح ملف الاجانب الموجودين في السودان ويتعاملون مع المواطنين بمسكنة فيتعاطفون معهم ثم يتضح أنهم إرهابيون بعد فوات الأوان.
حقيقة من أشرف على هذه العملية يجب أن يحاسب ويقال فورا، والله إن اشرف عليها شخص من الشارع لما تكبدنا هذه الخسارة القاسية، ولذلك هناك جدل كثيف يدور الآن بين المواطنين واسئلة منطقية يبحثون عن الحقيقة التي لم يكشف عنها جهاز المخابرات الذي التزم الصمت، ولكن طال الزمن أم قصر ستظهر فالأكاذيب والأسرار في هذه البلد لا تصمد طويلا.