من أعلي المنصة
ياسر الفادني
الخرطوم… أمطرتني نكدا
أربعون يوما في الخرطوم أهلها لم يغاثوا فيها ولم يعصروا ، الأخبار كلها تمنعت عن كل المفردات والجمل والتراكيب التي تفرح النفس وتسر الخاطر ، نسمع ونقرا عبارات إما تدمير أي كان شاكلته أو نهب أو سلب أو حرق أو قتل لأبرياء أو إعلان لمفقود خرج ولم يعد تاركا لوعة الفقد وخوف المترقب وحرقة الأم التي أقض مضجعها واستعبدها فراق قلب …. ولأب طغي علي جبينه الحزن كحزن يعقوب لابنه العزيز ، مصيره مجهول لم يظهر بعد إلا في صورته التي تحت الإعلان ، معظمهم شباب في ريعان عمرهم وشيوخ لا ناقة لهم ولا جمل في إذكاء هذه الحرب اللعينة
ما هذا الذي يحدث في هذه البلاد ؟ لعن الله السلطة التي تأتي علي أسنة الرماح ، ولعن الله الحكم إن كان عرشه وكرسيه فوق ركام الخراب ، أربعون يوما يتحدثون عن هدنة وتفشل بعدها تشتعل أكثر فأكثر ، إنفرط عقد الأمن تماما حتي صعب الآن جمع حباته التي تناثرت كبذور (العشر ) عندما تحملها الرياح ، صار المواطن عندما يخرج حتي إلي المسجد لا يحمل هاتفه خوفا من ذئب ترك الأكل من الغنم القاصية وعزف عن ميمنتها وعن ميسرتها ودخل في وسطها بلا تردد ولا خوف
هذا زمان المسغبة.. كأننا في عهد المغول نفتقد عدل أبي بكر وصرامة عمر وقوة علي وسماحة إبن عفان ، غاب العقلاء تماما ولا أثر لهم واشتط الجهلاء فينا وأصحاب القوة والمصلحة ، هذا زمان العزيز ذليلا والذليل عزيزا ، الشوارع امتلات بالجثث ولا شارات مرور نراها إلا العربات التي قطع نصفها والتي لم تقطع صارت محروقة
نفس الأيادي القذرة التي عبثت في اليمن والعراق وسوريا عبثت الآن في هذه البلاد وإن اختلفت اشكالها لكن السيناريو ذات السيناريو الهدف ذات الهدف ولا زالوا يعبثون وكلنا علي علم ويبدو أنهم تدخلوا بشكل آخر في إدارة هذه الحرب ، أخشي ما أخشاه أن تصير هذه البلاد كالدول التي استعرت فيها نار الحرب سنين عددا ولا زالت مشتعلة
التاريخ سوف يذكر في صفحاته أن الجهة( الفلانية) وأشخاص بعينهم هم من أوقدوا نار الحرب في السودان نظير عمالة وسلطة كانوا يبتغونها…. بالاسماء يدرسها الاجيال القادمة حينها سوف يتبرا كل شخص من جده الذي فعل ذلك .