من أعلي المنصة
ياسر الفادني
لن …. أحتفل
كيف أحتفل؟ وهناك من قتلوا من أبناء جلدتي في دارفور قبل أيام قريبة خلت ، كيف أحتفل ؟ وسرادق الأحزان دقت في قري محلية بليل شرق نيالا ولم ترفع حتي الآن! كيف أحتفل ؟و سرداق حزن أخري دقت في قلوب أمهات نزحن وتجرعن حزنا بفقد أكبادهن ، الذين ذهبوا بلا رجعة مقتولين بلا ذنب جنوه ، سرادق دقت لأ يتام فقدوا والديهما حين غارة أوباش قوم لا يخافون الله ولا رسوله وركبهم الشيطان حميرا وحركهم كيفما شاء وحيثما شاء حاملين آلة القتل منصوبة في ظهر عربات الدفع رباعي ، تحمل سلاح مضاد للطائرات يقتلون به بني البشر ، كيف أحتفل؟ ودارفور طوال العام الذي سبق لم تهنا بسلام وكل أخبارها قتل وحرق ونزوح ، كيف أحتفل؟ ولا زال الدم الذي إنسكب في الأرض لم يجف في وسط دارفور ، كيف أحتفل؟ ولا زالت في نفس الذين فقدوا أعزاء لهم في قلوبهم شييء من ذكري أليمة وأسئلة حيري من الذي قتل؟ هذا العزيز ولماذا ؟ ومن يقتص له ؟
كيف أحتفل و أمتي الآن مشتتة ، كل يوم يمر عليها تزداد تشتتا ، أربع سنوات حكم خلت لم يتفقوا إلا علي أن يختلفوا ، كل جهة تكيد للأخري وعندما تنال منها تصفق إعجابا، كل جهة تلهث وتتعب ليس من أجل مصلحة هذه البلاد ولا شعبها بل من أجل الجلوس في الكراسي التي إن جلسوا فيها لا يخافون الله فيمن يحكمون ، أسماء وجهات وتكتلات كثيرة كلها ليست علي قلب رجل واحد ، كلها تتشابك ثم تتشاكس والنتيجة لا أرضا قطعنا ولا سماءا وصلنا ، كثرت التسويات وكثرت المبادرات إلا أنها كلها لم تشف غليل متطلع إلي حكم رشيد ولم تسد رمق جائع ، حتي الإتفاق إن تم يتم علي حساب أكثريةترفض و أكثرية تهمش ولا يسمع لها صوتا ، كيف أحتفل ؟ والخرطوم كل يوم أو يومين تضج شوارعها بنيران اللساتك وتروس الشوارع ورائحة البمبان وبيانات تخرج هنا وهناك أن هنالك ضحايا
كيف أحتفل؟ والآن في بلادي إستعمار حديث أمر البلاد صار لدي الأجنبي الذي أتي من ألمانيا وأمر بلادي صار يصنعه ويحركه السفراء هنا وهناك ، كيف أحتفل؟ وأبناء بلادي الذين يدعون السياسة والوطنية السفارات الأجنبية أصبحت لهم مزارات يصلون فيها وإن بعدوا جعلوها قبلة لهم بل يأخذون منها التعليمات بئس هؤلاء …. وبئس مايفعلون
نحن في بلد للأسف الشديد عرفنا تماما كيف سار في السنة التي مضت حيث لم يسير قدما بل سار إلي الوراء ولا ندري أين يسير العام القادم وكيف يسير ، لا أحد يفهم ما يحدث ولا احد فهم ماحدث ، واتحدي من يعرف واتحدي من يفهم ، الذي حدث والذي يحدث كله ينصب في ماعون التحليلات التي معظمها يخطي ولا يصيب ، نحن في وضع لو قام المتنبي من قبره لزاد قصيدته وصارت معلقة حين يري حالنا حينما أنشد قائلا :
رماني الدهرُ بالأرزاءِ حتّى
فؤادي في غشاءٍ من نِبالِ
فصرْتُ إذا أصابتني سِهامٌ
تكسّرتِ النِّصالُ على النِّصالِ
وأنا أنشد بتصرف في بيته الذي أنشده حينما هجا كافور الإخشيدي….وأقول : عامُُ بأية حال عدت ياعامُ ……فيما مضي أم لأمر فيك إبهامُ ، إني من منصتي أنظر …..حيث لا أري إلا…. (الغباش) !.