من أعلي المنصة
ياسر الفادني
حرام …ترمينا للأيام
يخاصم يوم ويرجع يوم ويعذبنا بريدو……. مطلع أغنية شجون ، صاغ كلماتها شاعرنا الراحل المقيم محمد عثمان كجراي إبن كسلا الوريفة ، تغني بها الراحل المقيم الفنان ابراهيم حسين ، تعد هذه الأغنية من الاغنيات الخالدة التي صنعت مثلث تفرد وألق في خارطة الاغنيات السودانية الرصينة والجميلة ، مثلث اضلاعه مفردات جزلة ولحن فيه تطريب راقي…. وصوت ماسي فريد لا يتكرر
محمد عثمان كجراي كاتب هذه الاغنية شاعر سوداني يعتبر من رواد مدرسة الشعر الحر وهو من مواليد القضارف وتربي في كنف اسرة دينية بكسلا ، تميز شعره بالتجديد في البنية الايقاعية للقصيدة العربية في شكلها وموضوعاتها وقالبها المزين بالابداع الشعري الرصين ، وكان يعتمد في كتابته علي الشكل التفعيلي والسطر الشعري ويميل إلي الرمزية وحجب الدلالة والتعويل علي الاساطير والاحاجي القديمة ويعيد تشكيلها باستعارة رموزها في بعض الاحيان ، كجراي يعتبر من رواد السردية بشبه صلاح أحمد ابراهيم فهو يقول :
ها انذا انوء بصخرتي السماء
وازيف اهدر في دروب الليل طاقاتي
فيا وطن الضياع المر …يانصلا يمزقني ويكثر من جراحاتي….
كتب كجراي بالعامية مثل… قالوا الزمن دوار وله دواوين شعر منها الليل عبر غابة النيون وإرم ذات العماد وانفاس البنفسج
صاحب الصوت الفخيم الرخيم الفنان ابراهيم حسين ولد بكسلا واجازت الاذاعة السودانية صوته ورعاه الموسيقار برعي محمد دفع الله وكان صديقا لشاعرنا اسحاق الحلنقي ،ابراهيم حسين يعتبر من الذين فازوا في مهرجان المديريات انذاك مثل ود الامين ومحمد مسكين ، شكل مبدعنا تركيبة فريدة فنية بين أغنيات الشرق المحلية وتوليفها في قالب الأغنية الحديثة من أغانيه المحببة نجمة نجمة والغروب تتميز أغانيه بجمال المفردة وخفة اللحن والتطريب المدهش
بدل مانحن بنعاتب بنفرح يوم يعاتبنا …. ،عتاب مر يريد ان يقوله لكن يفرح بعتاب من يحب ، تجسيد في غاية الروعة لوفاء غريب الصفة لكنه جميل في الشكل والنتيجة ، نسال عنو كان طول وما هاميهو لوغبنا ، رسالة يراد لها ان ترسل في بريد عنوانه اللهفة والشوق وألم البعد وكتم الحنين
أغنية تحمل في طياتها أمواج هادئة في بحر الشجن ، وفيها عذاب الحب وفيها تنهيدات حري وفيها عتاب وفيها السؤال لمن له كل التقدير والاحترام وفيها العتاب وفيها العفو ، قيم عاطفية عجيبة تم سردها في مفردات انيقة وجمل من عسل تعابير مصفي ومن الق جميل وفريد
هنا عانقت المفردة الصوت الشجي الذي تجسد في عسل سوداني حلو المذاق فيه لذة للمستمعين ، كجراي وابراهيم صداقة تعطرت بها فضاءات الأغنية السودانية وحلقت في الاعالي نغما وجمالا فريدا منقطع النظير ، إلتقي الحرف النبيل وغار في سبر النوته الموسيقية فكان التفرد وكانت الحلاوة وكان تشنيف الاذان ورقصة سويدا الضمير !
ألا رحم الله نجمة نجمة ورحم الله الذي كتب شعرا تحت أضواء غابات النيون وهكذا يظل الغناء السوداني الأصيل راسخا وخالدا علي مر الدهور والايام ….