في عام ١٩١٥م في الحرب العالمية الأولى، قرر التحالف المكون من بريطانيا وفرنسا ونيوزيلندا واستراليا غزو وفتح اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية وهي (القسطنطينية تاريخياً التي فتحها السلطان العثماني محمد الفاتح وجعلها عاصمة للدولة العثمانية)، وذلك لمساعدة روسيا التي تعرضت لهجوم عنيف من ألمانيا وتعرّضت لخسائر كبيرة في الجنود والعتاد، وكانت بريطانيا تصر على إرجاع اسطنبول إلى حضن المملكة المتحدة، وقد جهزت الدول الأربع، أسطولاً بحرياً وبرياً كبيراً للاستيلاء على اسطنبول وهزيمة الأتراك والدولة الإسلامية، لأنّ سقوط اسطنبول يعني سقوط الدولة العثمانية.
وعبرت قوات الدول الأربع الى مضيق الدرندنيل عند ملتقى البحرين الأسود والأبيض المتوسط عند (جناق قلعة)، وسمت بريطانيا وحلفاؤها هذه المعركة معركة جاليبولي. واستعد الأتراك لهذه المعركة لأنّ الأمر بالنسبة لهم إما نصر وإما شهادة دفاعاً عن عاصمة دولتهم.
وتحرّكت قوات الحلفاء وأساطيلهم نحو اسطنبول، وكانت القوات العثمانية قد زرعت المضيق بالألغام، وكانت القوات البريطانية على عجل للاستيلاء على اسطنبول، وكان الضباط والجنود يمنون أنفسهم بنصر عاجل يحادثون أهلهم بأن النصر قريب، وخاصة لأنهم كانوا يقذفون القوات التركية وهي لا ترد، وأعتقدوا أن القوات التركية ضعيفة ولا تستطيع الوقوف أمام هذا الحشد العسكري الكبير، وقامت القوات الرباعية من بريطانيا وفرنسا ونيوزيلندا وأستراليا بهجوم عنيف على القوات التركية ولكنها تعرضت لحقل ألغام خفي أثر عليها كثيراً، ولكن الأمر الذي غير مجرى المعركة وكان قدراً إلهياً، حيث قذفت وضربت قوات التحالف الكتيبة الفنية التركية المتقدمة وقضت على الجميع ودمرتها نهائياً، ودمرت كل منصات روافع القنابل والمقذوفات التي تحمل على المدافع، ووسط هذا الركام نهض جندي تركي شجاع ليجد أن كل زملائه قد استشهدوا، وأن كل منصات روافع الذخائر قد دُمِّرت، وقام وحمل قذيفة مدفع وزنها ٢٥٠ كيلو جراماً ووضعها على المدفع ووجّهها إلى سفينة حربية بريطانية وأصابها بدقة بعد أن كبّر وهلّل، وكانت ضربة قوية دمّرت هذه السفينة الحربية وأعادت الروح المعنوية لقوات الدولة العثمانية المدافعة عن اسطنبول، وهجمت القوات التركية وبقوة على قوات الحلفاء وهزمتهم شر هزيمة وفقدت القوات التركية ٢٥٠ ألف جندي، وفقدت بريطانيا وفرنسا ونيوزيلندا وأستراليا ٣٠٠ ألف جندي، ودمّرت اساطيل الحلفاء.
وكان ذلك الجندي الذي غيّر مجرى المعركة، بل غيّر حركة التاريخ هو العريف سعيد تشابوك، الذي حمل القذيفة التي وزنها ٢٥٠ كيلو جراماً ووضعها على المدفع.
إنها عظمة الإنسان التركي، وإنها عظمة الأتراك وقوة إيمانهم بدينهم ووطنهم، وهم الذين أسّسوا الدولة العثمانية التي سيطرت على نصف الدنيا، وكذلك نافست باسم الإسلام الحضارة الغربية، بل سيطرت على أجزاء مختلفة من أوروبا في وقت من الأوقات.. ومعلومٌ أن الحضارات تضعف ولكنها لا تموت.