مقالات

أحمد يوسف التاي يكتب: ما أشقانا بهؤلاء

(1)
ما يكشف بؤس منهج التفكير لدى الشركاء المدنيين والعسكريين أن الطرفين يغرقان في بحر من المغالطات حول لقاءات تمت بين الجانبين ، العسكر يجتهدون في إثبات أن مدنيين من قوى الحرية والتغيير التقوا معهم ، والمدنيون يكرسون جهودهم في إنكار هذه اللقاءات موضع الجدل والمغالطات… ففي الوقت الذي يتطلع فيه الكثيرون إلى جلوس “الشريكين” ولقائهما لإنهاء القطيعة وتسوية الخلافات أصبح اللقاء نفسه (جريمة) يتبرأ منها طرف ، بينما يحاول الشريك الذي بغى على الآخر إلصاق تلك (الجريمة) بغريمه السياسي ، كأنما اللقاء في حد ذاته (عيب) يجب التبرؤ منه …لكن قطعاً فإن الوضع الطبيعي هو تكثيف اللقاءات والجلوس بين الأطراف المتصارعة في إطار الحوار طالما أن الطرفين شريكان بنص الوثيقة الدستورية التي تتمسك بها الأطراف ظاهرياً…
(2)
وما يكشف بؤس منهج التفكير لدى الشركاء المدنيين والعسكريين أيضاً عنوان رئيس قرأته بالصفحة الأولى في صحيفة السوداني يُقرأ كالآتي : (اشتبكتُ مع حميدتي بالأيدي وفكونا يا الله يا الله)..!!!! السودان يحتاج إلى حكمة تصدر من عقول الحكماء ، لا يحتاج إلى عضلات وتشابك بالأيدي ،فالسياسي الذي يشتبك بالأيدي ويبرز عضلاته داخل قاعات الحوار مكانه ساحات المعارك والأدغال وليس الساحة السياسية ولا مؤسسات إدارة الدولة والمفاوضات… عرفتو كيف إننا بنغلط ، نضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب ، ونختار لإدارة الدولة الذي يجيد الاشتباك بالأيدي والعنتريات والاعتزاز بتلك الهرطقات على صفحات الصحف…عشان كدي نحنا راجعين في المغيرب..!!!
(3)
من البؤس أن يكون مصير بلادنا مرهون بمنهج تفكير يرى في الجلوس واللقاء بين الفرقاء والخصوم السياسيين هو سُبة ومنقصة وعيب يتبرأ من طرف مع أنه هو الطريق الوحيد المفضي إلى حل كل المشكلات، ومن البؤس أن يكون مصير البلاد وشعبها العظيم مرهون بمنهج تفكير يرى في لقاء الخصوم والجلوس إلى بعضهم وسيلة لتشويه سمعة الخصم السياسي ، ما أشقى السودان وشعبه بهؤلاء … من أين أتوا؟؟!!!!! .. من أقدار الشعوب أن الذين يتطلعون لحكمهم والتسلط عليهم ليسوا من العلماء ولا النبلاء ولا أهل العفة والاستقامة بل ذرية بعضها من بعض لها من جينات ابن سلول ما يكفي لتنقيص حياة الناس وإهلاك الحرث والنسل ونشر الفساد في الأرض…
(4)
الحقيقة التي يجب أن تكشف عن ساقيها ليراها الناس رأي العين هي أنه لا سبيل ولا مخرج غير الحوار بين جميع الأطراف المتصارعة ، وأنه لن يستطيع أحد إقصاء الآخرين مهما أوتي من قوة ، وأن الإقصاء سلعة كاسدة ومنهج دكتاتوري متخلف نتائجه الزلزلة وعدم الاستقرار ، فاللقاء بين الفرقاء والخصوم ليس جريمة، بل هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمات والخلافات وبناء الحضارات والأمجاد والنهضة ، والذي منهج تفكيره يخالف تلك القواعد الثابتة يجب ألا يكون له نصيب في إدارة شؤون الحكم والدولة ….الـلهم هذا قسمي في ما أملك..
(6)
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى