إقتصاداخبار السودان

على الرغم من الزيادة الكبيرة للتعرفة.. قطوعات الكهرباء.. (حجوة أم ضبيبينة)

الخرطوم: هنادي النور ــ هالة حافظ

برمجة غير معلنة لانقطاع التيار الكهربائي شهدتها البلاد منذ يومين كانت بمثابة المفاجأة غير المتوقعة عقب الزيادة الكبيرة في اسعار الخدمة، الا ان الحكومة عجزت عن توفير الخدمة لـ40% من سكان البلاد جملة الذين لديهم تغطية. وبالرغم من أن الحكومة وضعت خطة لزيادة تغطية الكهرباء من 32% حالياً الى 100% بنهاية 2035م، الا ان الامل ضعيف في تحقيق ذلك لما يعانيه القطاع من تحديات كبيرة عجزت الحكومة عن معالجتها، وخلافاً لما يحدث حالياً في فصل الشتاء يشهد قطاع الكهرباء سنوياً عجزاً في التوليد خصوصاً في الصيف والخريف، وبسببه تلجأ الدولة للدخول في برمجة قطوعات قاسية تمتد لساعات طويلة، واحياناً تبرر ذلك بعدم وجود وقود الفيرنس او بسبب الصيانة الوقائية والنقص الحاد في التوليد الكهربائي. وبدأت شركة الكهرباء السودانية منذ العام الماضي في تنفيذ برنامج لقطع التيار يمتد أحياناً لنصف يوم.


عجز مائي
وطبقاً لوزارة الطاقة فإن المحطات الحرارية في السودان بحاجة سنوياً إلى (700) مليون دولار لتوفير الوقود، فضلاً عن تكاليف قطع الغيار، فيما الإيرادات المدفوعة لقاء خدمة الكهرباء لا تغطي سوى 15% من تكلفة التشغيل والصيانة، في ظل عدم مقدرة وزارة المالية على الإيفاء بالتزامها تجاه القطاع المقدر بـ (30) مليون دولار شهرياً لشح الموارد.


وبدوره يكشف مستشار شركة السودان القابضة للكهرباء المهندس ابو بكر عباس ان برمجة قطوعات الكهرباء تعود الى خلل بالصيانة، واكد في حديثه لـ (الانتباهة) ان ماكينات التوليد الحراري غير جاهزة لجهة عدم تصليح الاعطال وعمل الصيانات الدورية، فضلاً عن خفض منسوب المياه للتوليد الكهربائي بسبب توفير المياه للموسم الزراعي الشتوي، اي انه لم يتم توظيف مياه للتوليد الكهربائي، اذ ان العجز تظهر نتيجته بصورة مباشرة في قطوعات الكهرباء كأمر طبيعي، واردف قائلاً: (يجب ان يتم حل مشكلة الصيانة اولاً ومن ثم الانتقال لحل مشكلة الوقود)، مشيراً الى ان ماكينات التوليد الحراري تعمل بنسبة ٥٠٪، وتم تجهيز نصف الآليات والنصف الآخر مازال معطلاً، وليس من المنطقي ان يتم جلب (١٠٠) طن مثلاً لتشغيلها لجهة ان ما تمت صيانته ٢٥٪ فقط، اي ان المشكلة لا تكمن في جلب وقود لـ (٥٠٪) من الماكينات وانما في كيفية صيانة ما تبقى لتوليد الكهرباء، واشار الى انه في هذا الظرف الزمني اي شهر يناير وفبراير يحدث نقص في منسوب المياه مما يؤثر في التوليد، اذ انه في الموسم الشتوي لا يسمح المزارعون بترك المياه لتوليدها لانه حال تم تركها للتوليد لن تعود مره اخرى، ولفت الى انه يجب السماح للمياه بالمرور من خزان الروصيرص للتوليد في موسم الري لانه يتم ري الزراعة من خزان سنار المتعطل، فضلاً عن قلة سعة البحيرة، وحال تم اخراج المياه من الروصيرص سيضطرون للسماح لها بالمرور، اذ ان المياه التي تخرج من خزان سنار لا تتم الاستفادة منها في مشروع الجزيرة، ونبه الى انه يتم استيراد الوقود الا انه عادة لا يكون كافياً في وقت الحاجة اليه، مشيراً الى انه في العام الماضي فرضت وزارة المالية على وزارة الطاقة القيام بشراء وقود الفيرنس، الا انه بعد عمل اجتماعات ونقاشات تم الاتفاق على ان تلتزم وزارة المالية بشراء وقود الفيرنس، وان تقوم وزارة الطاقة بجميع الانشطة المتبقية بما فيها الصيانة، في حين اشار ابو بكر الى ان الصيانة تحتاج الى توفير الدولار لجهة ان الاسبيرات عبارة عن فاتورة دولارية، منوهاً بأن التزام وزارة المالية بتوفير الفيرنس غير كافٍ، وذكر انه يتم جلب الدولار من قناة واحدة وهي بنك السودان الذي يقع تحت ولاية المالية مما يعني الحاجة الى حلول، لجهة ان العلاقة بين الطاقة والمالية في سبيل الحصول على الدولار للصيانة.


إكمال التفريغ
ومن جانبه قال مدير ميناء الخير عثمان القرشي لـ (الانتباهة) انه تم تفريغ (٤٣) الف طن اول امس من وقود الفيرنس وجلب (٤٤) الف طن أمس، مشيراً الى ان المرحلة المقبلة ستتم فيها عملية التوزيع، واشار الى انها لا تقع تحت مسؤوليتهم.


تهرب من المسؤولية
والثابت ان الوضع في قطاع الكهرباء كارثي، وأن التعامل حالياً وفق المتاح في ظل عدم تدخل الدولة لحل هذه الإشكالات بسبب العجز المتكرر وعدم وجود زيادة في السعات التوليدية.

ويصف الوزير الأسبق لوزارة الطاقة والنفط عادل ابراهيم قطوعات الكهرباء بأنها خطأ كبير وفادح وتهرب من المسؤولية، واضاف قائلاً: (عندما كنت في وزارة الطاقة والتعدين أعلنت الزيادة آنذاك وتحملت المسؤولية وذلك بعد دراسة وتشاور).

وانتقد الزيادات الضخمة لتعرفة الكهرباء قائلاً: (لا يوجد في البلاد وزير ولا حكومة ولا رئيس وزراء ولا دستور، فكيف تُقرر زيادات ضخمة كهذه)،

مؤكداً انها مؤثرة جداً في القطاع الزراعي والصناعي، وأضاف قائلاً: (كان يجب أن تتم دراسة الزيادة خاصة للزراعة مع تكلفة الانتاج مع وزارة الزراعة والولايات)، واستنكر تلك الزيادة قائلاً: (لا يمكن فرض هذه الزيادة، فبدلاً من تشجيع الزراعة يتم ارهاقها بالزيادات، وكان يجب إيجاد طرق أخرى لمعالجة الأمر، كما أن التوقيت سيئ ورديء، خاصة أن الموسم الشتوي على الأبواب، ولذلك تأثرت كافة المشروعات، وهناك شكاوى من المزارعين بالشمالية وبعض المحاور بالخرطوم ونهر النيل وعدد من مزارعي البساتين بالجزيرة، مما يتسبب في ارتفاع التكلفة، وانعكس ذلك سلباً في ارتفاع أسعار المواد الزراعية المنتجة محلياً، ووزارة المالية تشارك وزارة الطاقة في التعرفة والقرار مشترك دائماً، وايضاً تتشاور مع مجلس الوزراء والحكومة لجهة أنه قرار خطير جداً وله تأثير قوي على العملية الإنتاجية)، مضيفاً ان هذه الزيادة ليست معقولة وأن المزارع بدلاً من دفع (٧٠) مليون جنيه للموسم سيدفع مليار جنيه بحسب حسابات المزارعين، وهذا يشكل مبلغاً ضخماً في الموسم، اضافة الى فرض بعض الولايات رسوماً على المزارعين للمحاور.

 وأضاف انها مبالغ مليارية في بعض الولايات، واستنكر عادل هذه الزيادة قائلاً: (اصبحنا ندفع اضعاف اضعاف التكلفة).


وحول برمجة قطوعات الكهرباء اوضح عادل ان البرمجة في شهر ديسمبر ويناير، خاصة انه خلال السنتين الماضيتين في (الحكومة السابقة أو حكومة الحالية) لم تتم اضافة ميقاواط واحد للشبكة، وأضاف أن التوليد لم تتم فيه اضافة اي ميقاواط.


وأشار إلى أن هناك مشروعات كان يجب أن يتم افتتاحها خلال شهور وتدخل الإنتاج في بورتسودان وقري (٣) وحتى الآن لم يتم إنجاز شيء، متسائلاً: (ماذا كانوا يفعلون خلال هاتين السنتين؟)، وأضاف قائلاً: (ابان فترة عملي بالوزارة تم تحديد فترة مع المهندسين لاكمال مشروع بقري، وذلك في شهر فبراير من عام ٢٠٢٠م، ولم تتم اضافة ميقاواط واحد للشبكة).


وجزم بأن الصيانة لم تتم حتى الآن، وأردف قائلاً: (الحال كما هو، ودائماً الشكاوى من عدم توفر المبالغ المالية للصيانة وهذا موعد الصيانة)، مستنكراً الساعات الطويلة في قطع الكهرباء. وقال: (يجب أن تكون خلال شهري ديسمبر ويناير بسبب الوقود)، مشيداً بمهندسي التوليد المائي، وقال: (دائماً الصيانة تتم في هذا الوقت، وغالباً الصيانات لا تكتمل وربما يكون بسبب بدء الحسب المائي، واذا لم يتم البدء فيه فإن الصيف القادم الرماد كال حماد).


استلاف فيرنس
وشهد اواخر شهر نوفمبر الماضي عودة قطوعات الكهرباء، وارجعها وكيل الطاقة السابق حسين محمود للنقص الحاد في الوقود، وقال في حديث سابق لـ (الإنتباهة) إنه عند تكليفه بالمنصب بداية نوفمبر فوجئ بعدم وجود وقود الفيرنس لعمل الآليات بشكل سليم، مما اضطرهم لاستلاف الفيرنس من شركة سكر كنانة، الى ان تم الاتصال بوزارة المالية لتوفير باخرة فيرنس، مشيراً الى موافقتها، الا ان الإجراءات عادة لاستيراد الوقود تأخذ وقتاً، وهناك باخرة ستصل في الخامس من الشهر القادم، وذكر ان من ضمن المعالجات التي تقوم بها الوزارة محاولة تشغيل التوليد المائي الكهربائي بمحطة ام دباكر لتقليل قطوعات الكهرباء.


وبالمقابل قال وزير الطاقة والنفط السابق جادين علي: (لم يتم إعلان للبرمجة، وربما قد يكون هناك عطل طارئ وسيتم اصلاحه، وجزم في حديثه لـ (الانتباهة) بعدم معرفته بهذه البرمجة، وأضاف أن موسم الشتاء تتم فيه الصيانة استعداداً لفصل الصيف. وأردف قائلاً: (البرمجة دائماً في فصل الصيف وليست في الشتاء، ولا بد من التأكد من الجهات المختصة لمعرفة هذه القطوعات).


وبالنسبة للصيانة الدورية قطع جادين بأنها مرتبطة مباشرةً بتوفير الاموال اللازمة، الا أنه قال قد حدث تحسن طفيف لكل مطلوبات الصيانة خلال الفترة السابقة، واستدرك قائلاً: (نأمل تحدث امكانية لتوفير الاسبيرات للصيانة اللازمة).

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى