الطبيعي هو أن تكون القوى السياسية متعددة ومتباينة وحتى مختلفة والاستثناء هو عندما تتفق أو تتوحد لإنجاز مهام وأهداف مشتركة.
أما غير الطبيعي فهو ماحدث ويستمر تحت بصركم في القوات النظامية، فلا ترتيبات أمنية ولا إعادة هيكلة ولا جيش قومي واحد.
وإنها لسخرية تلك التي يظهر فيها القادة الذين فشلت ضدهم محاولة انقلابية للتو ليلقوا باللوم على مدنيين وأحزاب سياسية لم تتوحد ولا يفتح الله عليهم بكلمة واحدة عن الانقلاب نفسه وكيف حدث وماذا سيفعلون لضمان عدم تكراره، أو عن السلاح الخفيف والثقيل الذي يحمله الجميع، والتفلتات الأمنية في كل البلاد ولا عن القوات الكثيرة التي فشلوا في توحيدها ودمجها.
القوات المسلحة السودانية ليست ملكا لأحد هي ملك الشعب السوداني وبها أبناءه وكذلك الأجهزة النظامية الأخرى، والشعب السوداني اختار الحرية والديمقراطية عبر أرتال من التضحيات والشهداء، وبعد 52 سنة من حكومات عسكرية فاشلة أضعفت الدولة ودمرت اقتصادها وفرطت في مقدّراتها بل وأضعفت القوات المسلحة نفسها وهي تدخلها مجال الصراع السياسي عبر أكثر من نصف قرن من أصل 65 عاما عمر الدولة الوطنية مابعد الاستقلال.
الأحداث المستمرة خلال الأشهر القليلة الماضية ليست سوى محاولات تهدف لتقويض الانتقال الديمقراطي في السودان خاصة مع اقتراب مواقيت تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين، ومع تحسن ملحوظ في مؤشرات الاقتصاد السوداني بعد اجراءات صعبة وقاسية اتخذتها الحكومة المدنية ولكنها بدأت تؤتي أكلها، مسائل جميعها جعلت من لايريدون للديمقراطية في السودان أن تنجح في داخل البلاد وخارجها، جعلتهم يستعجلون الخطوات للانقضاض عليها قبل أن يقوى عودها وتستقر.
على المدنيين وشركاء السلام في السلطة الانتقالية أن يتحسسوا مواطئ اقدامهم جيدا، وأن يفيقوا لمسؤولياتهم بصورة أفضل وفي مقدمتها إنجاز الترتيبات الأمنية وهيكلة القطاع الأمني والعسكري وتحديد مهامه بما يتوافق مع النظام الديمقراطي، مهام ليست من بينها الوجود المستمر للأجهزة النظامية وقياداتها في قطاعات مثل الاتصالات والطيران المدني والتعدين وغيرها من القطاعات الاستثمارية.