الخرطوم الرأي السوداني
عندما سقط نظام مايو بانتفاضة أبريل 1985م الشعبية ارتكبت السلطة التالية خطأ استراتيجي بحل (جهاز أمن الدولة)مما تسبب في ثغرة أمنية كبيرة وعرض مستندات ذلك الجهاز في سوق النخاسة الدولية ويتداول اليوم في غباء كبير بعض النشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي أن جهاز المخابرات الأمريكي قد وضع يده على أرشيف جهاز الأمن والمخابرات الوطنى السودانى وهو الأمر الذي نرجو ألا يكون قد تم -ان حدث – خارج إطار الأعراف والاتفاقيات المعمول بها بين أجهزة المخابرات الدولية وبما يلزم من تبادل معلومات محددة و إلا أصبح كارثيا على الأمن وعلى البلد معا !
عندما نجحت ثورة ديسمبر في العام ديسمبر 2019م عصمت بعض المواقف العاقلة أصوات كانت تنادى بحل جهاز الأمن والمخابرات الوطنى وعملت إدارته الحالية بقيادة فريق أول ركن جمال عبدالمجيد على إعادة هيكلته بما يبقى على الثغرات الأمنية متحكم فيها ويحفظ دور الجهاز المستمر في حفظ أمن وأسرار البلد وفق اللوائح الجديدة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية والتى حددت دور المخابرات العامة في جمع وتحليل المعلومات ورفعها للجهاز التنفيذي لإتخاذ اللازم ولكن جهات داخل مؤسسات الحكم وفي مفاصل الدولة تقوم من خلال إدارة معاركها البينية بما يضر مؤسسات البلد وعملها من خلال تسريبها لخطابات ومستندات المخابرات العامة والتى تأتي في إطار تحليل المعلومات ورفعها لجهات الاختصاص مع الإشارة بضرورة إتخاذ اللازم من الإجراءات!
كان التسريب الأول لخطاب من المخابرات العامة للنيابة العامة قبل فترة يكشف عن وجود خلية إرهابية بالبلد ويطلب الإحاطة بها ولكن هذا الخطاب المعنون بالسرية الكاملة وجد طريقه – بقدرة قادر -الى مواقع التواصل الإجتماعي بسوء تقدير كبير والخطاب الأخير وهو الذي لا يزال يشعل مواقع التواصل الإجتماعي يحوى معلومات عن شخصيات مشتبه بها بإبتزاز بعض المستثمرين الأجانب ويطلب الجهاز مع هذه المعلومات الحساسة كالعادة الإحاطة بالمشتبه بهم للتحقيق ولكن هذا الخطاب الخطير للأسف وجد طريقه أيضا لمواقع التواصل الإجتماعي بقدرة قادر !
أيا كانت الجهات التى تقف وراء تسريب مخاطبات المخابرات العامة لمؤسسات الدولة ومهما كانت أسباب هذا التسريب فإنها بالخطابيين المذكورين اعلاه تبقي على ثغرتي (الإرهاب والإستثمار ) بلا مغالق للتأمين المطلوب ويمكن لأي إرهابي قائم او مستثمر قادم ان يتخذ ما يريد من تقرير وقرار من خلال مستندات المخابرات العامة المنشورة بأيدي بعضنا على مواقع التواصل الإجتماعي!
لن يتضرر جهاز المخابرات العامة وحده كمؤسسة من هذا النشر السالب بل هو شهادة له بأنه يقوم بواجبه الكامل ووفق دوره المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية في وقت يستبين فيه قصور بقية القوات والمؤسسات عن آداء دورها المطلوب والمتضرر الأكبر من هذا النشر هو الأمن القومي وسير أعمال الدولة الخاصة بنشر مثل هذه الخطابات الحساسة
المرجو ان تدور المعارك الصغيرة والخطيرة ان كان لابد منها بعيدا عن الثغرات الأمنية للبلد والتى ان فتحت فلن ينجو أحد وسوف يهلك الجميع من خلال هذه الأعمال الفطيرة أما وان كان جهاز المخابرات مستهدف من خلال هذا النشر فلقد أخطأت الرمية كما ذكرت عاليه بل لعلها رمية من حيث لا يحتسب الرامي أكدت على عمل الجهاز وبما يجعل الجميع مطمئنين في بيوتهم بأن هناك عيون ساهرة على حراسة وحماية هذا البلد وأهله وبالطريقة المثلى والتى أرادها الجميع للمخابرات العامة ونصت عليها في الوثيقة الدستورية