الراى السودانى
قبل أن يعود على قدميه سالماً غانماً إلى موطنه كنت قد انزعجت للغاية للتداول الواسع لخبر احتجاز الدكتور معاذ تنقو في دولة الامارات ، وما كان لذلك الخبر (المفبرك) الذي اضيفت اليه شمارات وبهارات ان ينتشر ويعم القرى والحضر لولا سابقة سفر الامام الصادق المهدي لابوظبي عاصمة الامارات لتلقي العلاج ووفاته الاليمة في تلك الدولة والتي كانت قد اثارت كثيراً من علامات الاستفهام حول مؤامرة استهدفت الرجل حتى اردته.
اقول هذا بين يدي المقال القنبلة الذي نشرته ابنته رباح عبر الاسافير وكشفت فيه ما كتمته طويلاً قبل ان يستبد بها الخطب الاليم ويعصف بها لهيب الشوق للوالد الحبيب فيضطرها الى ذلك البوح الموجع.
قالت رباح إن الامام كان قد حاضرهم طويلاً حول التطبيع مع اسرائيل بالرغم من انه وقتها كان يعاني من جائحة كورونا لكنه كاشفهم خلال تلك الجلسة بانه *لا يستبعد ان يكونوا قد ارسلوا له من يحمل الفيروس (عنية) ليتخلصوا منه ، مضيفة انه سواء فعلوها ام لا تظل الحقيقة ان الحبيب كان اقوى صخرة في طريقهم وتظل الامال على حزب الامة ان يتخذ موقفاً ينقذ البلاد من (زفة) التطبيع)*
ما قالته رباح اكده فيديو تحدث فيه الامام قبل ايام من وفاته حول ذات القضية!
بالرغم من حديثه عن انه مستهدف والذي قاله وهو يعاني من ذلك المرض اللعين يغادر الامام الى ابوظبي في طائرة خاصة دخلها ماشياً على رجليه واعادته الى موطنه ميتاً، فمن هو المسؤول عن ذلك الخطأ الكارثي الذي نقله الى ابوظبي بعد يوم واحد من حديثه الحارق الذي صب فيه جام غضبه وحنقه ورفضه للتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني، وهدد وتوعد بانه لن يسمح بالتطبيع وسيكون معارضاً شرساً لنظام الحكم إن مضى نحو ذلك الامر.
لكل من اسرائيل وامريكا، ولا اقول الامارات، تاريخ دام ومتوحش في عمليات التصفية الجسدية للقيادات السياسية والجهادية التي تشكل خطراً على امنهما القومي، فقد استهدفت عدداً من قيادات حماس بدءاً من المجاهد الشهيد احمد يس والشهيد الرنتيسي والمبحوح وحاولت اغتيال المجاهد خالد مشعل، كما قامت بقتل عدد كبير من العلماء العراقيين خلال اجتياح العراق وغير ذلك كثير فتلك الدولة ستظل شوكة حوت في حلوقنا سواء طبعنا معها ام عاديناها، فقد حكم الله العليم في كتابه انهم اشد الناس عداوة للذين امنوا وخاسر في الدنيا والاخرة من يتحدى حكم الله فيهم.
لذلك فان دولة الكيان الصهيوني وجدت في الامام صيداً سهلاً لم توفر له اي احتياطات امنية، وتعامل معه من يحيطون به على مستوى الدولة او الاسرة باهمال غريب سيما وان اسرائيل مطلقة اليد في الامارات بعد عمليات التطبيع الشاملة التي تولت تلك الدولة العربية كبرها على مستوى المنطقة.
التعامل الساذج الذي تم مع سفر الامام بطائرة خاصة الى ابوظبي رغم المحاذير التي نثرها امام بناته واولاده تلقي بالمسؤولية الكبرى على الاسرة وعليه شخصياً، سيما وانهم جميعاً يعلمون ان دولتهم قاعدة في السهلة بلا امن ولا امان ولا سلطة مركزية معلومة، كما يعلمون ما يحيط بابوظبي التي يقيم فيها النافذ الخطير بادواره المشبوهة، ولست ادري لماذا العلاج في ابوظبي تحديداً وليس في المانيا مثلاً؟!
ثانياً: ما حدث للامام يدق ناقوس الخطر حول ضعف وهشاشة امننا القومي فبلادنا مجرد (راكوبة في الخريف) ولست في معرض التفصيل والحروب الاهلية تقتل وتخرب وتدمر في اطراف بلادنا خاصة دارفور، والعاصمة تشهد تفلتات امنية وحوادث نهب مسلح من النقرز وغيرهم، كما تشهد كل يوم او ايام حركة مسلحة (غازية) بعدتها وعتادها مع تهديد ووعيد يصدر من بعض المغاضبين المتوعدين لكيانات اجتماعية اخرى داخل الوطن المغلوب على امره، ولا احد يعير تلك الاحاديث العنصرية اهتماماً او يخضعها لسلطان القانون!
بلادنا أيها الناس تعاني من حالة فوضى ضاربة الاطناب ولا توجد حكومة مركزية تمسك بالسطة وتحفظ امن الوطن والمواطن، والهوانات الذين يتولون الامر يرفضون ان يتعاملوا بجدية مع تلك الحالة من السيولة والهشاشة الامنية المرتبطة بالاوضاع الاقتصادية الضاغطة بينما خاطفو الثورة المصنوعة من هوانات قحت وصبيانها يتخبطون في ضلالهم وفسادهم (مكنكشين) في سلطة مجانية جاءتهم تجرجر اذيالها ويطمعون في ان تمتد بهم لعقود من الزمان لعلمهم انها الفرصة الاولى والاخيرة التي جاءتهم بالفهلوة وبدون استحقاق انتخابي.
ما حدث للامام لو حدث في اية دولة اخرى للطمت الخدود وشقت الجيوب واقامت من لجان التحقيق المحلية والدولية ما يكشف لغز ذلك الحادث الاليم، منذ ان اصيب الامام بالجائحة حتى توفي في ظروف لا يمكن لعاقل ان يصدق انها طبيعية.
ثم أعود لسبب كل تلك الازمات التي يأخذ بعضها برقاب بعض لاخاطب البرهان الذي فعل ببلادنا ما لم يفعله زعيم سوداني اخر منذ الثورة المهدية.. اما آن لك يا رجل ان تراجع نفسك وتعلم انك المسؤول عن كل الحاصل الان امام الله وامام التاريخ وامام شعب ذاق الويلات من الجوع والمسغبة بل من الحرب على دينه ودنياه؟
أيها الشعب السوداني.. لقد والله ثرت على وضع كان افضل مئة مرة من هذا الوضع الكارثي فماذا تنتظر؟!