الراى السودانى
برأيي أن السودان تجاوز مرحلة نقص الإمداد الكهربائي الذي يتطلب الترشيد وتنفيذ برنامج القطوعات المزعج، ودخل في دوامة (انعدام الكهرباء)، ولربما يعز على السودانيين في ظل هذا الوضع أن يجدوا ما يعبئوا به جوالاتهم للتواصل؛ ناهيك عن الاستمتاع بالخدمة.
اعتقد أن الحكومة تنقصها الآن الجراة والشجاعة الكافية لمصارحة الشعب بحجم الفشل الذي قضى بانعدام التيار الكهربائي رغم زيادة فاتورة الكهرباء بنسبة (500%).
ظل الصمت الرسمي سيداً للموقف؛ رغم استمرار القطوعات وغياب الكهرباء عن حياة المواطنين، وانقطاعها الطويل، لم يخرج علينا أي مسؤول لإحاطتنا علماً، نحن جمهور المواطنين، بما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في ظل التدهور الذي يحيق بالخدمة، لم يتقدم أحدهم لإخبار المواطن بأن الدولة تستشعر همه وتحاول جهد إيمانها أن تجد حلاً للأزمة التي أحالت حياته إلى عذاب، لم يخبرونا عن أسباب تدهور الخدمة على هذا النحو الذي وصل بها إلى الحضيض، هل هي قلة المال أم سياسة التمكين التي أقصت الكفاءات دون أن تتدبر أمرها وتجهز البدلاء المناسبين.
ينشغل المسؤولون في الدولة بإيجار الطائرات الخاصة ، والصرف على المكاتب السيادية وجيوش الحركات المسلحة والاحتفالات والكرنفالات ، ويتبارون ويختلفون في تغيير السيارات وموديلاتها وأثاثات المكاتب ومقار الإقامات المخملية ، لكنهم لا يستشعرون أن الكهرباء أولوية تنقصها ثلاثون مليون دولار، لم توفر الدولة منها إلا خمسة. ملايين دولار.
هل عجزت حكومتكم يا دولة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء عن توفير ثلاثين مليون دولار لحل أزمة الكهرباء، وإحدى وزاراتكم تشتري مقراً بلا عطاءات بمبلغ خمسين مليون جنيه.
باتت أزمة الكهرباء هاجساً يومياً ، شلت القطوعات حياة الناس، وعادت بها للعصور الحجرية، ارتبطت بأشغال الناس ومعايشهم بهذه الطاقة التي استحالت بدونها الحياة وتحولت إلى جحيم.
أين (قومات الوطن) ولماذا فشلت المالية في توفير هذا المبلغ اليسير جداً على الحكومات، أين دولارات المغتربين والناشطين وهاشتاقات حنبنيهو، ولماذا تتقزم جهود الدولة وحاضنتها السياسية إلى هذا الحد الذي يجعل من الكهرباء مهدداً أولاً ثم إبقاء هذه الحكومة على قيد الحياة.
تحولت حياة المواطن إلى جحيم بفعل قطوعات الكهرباء التي بدأت من برمجة تمتد ساعة وساعتين ووصلت الآن إلى 30ساعة في اليوم، هنالك أحياء ينقطع عنها الإمداد ليوم كامل ، أما الولايات فحدث ولاحرج.
تأثرت المستشفيات، والمرضى بالأمس رحل ثلاثة منهم كانوا يستشفون بمركز عزل الخرطوم، وزير الصحة الاتحادية د. عمر النجيب أعلن ذلك قبل ان يستدرك ويقول: إن سبب الوفاة يعود لعطل في التيار بمركز العزل وليس عدم توافر الكهرباء، ورغم محاولة الالتفاف الواضحة فقد طالب الوزير ، بضرورة إجراء تحقيق لتجنب الأخطاء مستقبلًا، مؤكداً على معاناة المراكز الصحية والمستشفيات من أزمة الكهرباء.
تابعنا عمليات جراحية أجريت في مستشفيات بأعضاء الموبايلات ، خلال الأيام الماضية ورأينا كيف عبث انقطاع الكهرباء بالجثث في المشارح بعد أن فعل الأفاعيل بالأحياء ..
لم تعد هنالك منطقة ساخنة في الخرطوم معفاة من غياب الكهرباء التي تجاوزت طور الأزمة، ودخلت مرحلة العدم .
محمد عبد القادر – صحيفة اليوم التالي