متابعات – الراي السوداني – تدرس الإدارات المدنية في ولايات دارفور وكردفان بصورة جدية تنظيم امتحانات الشهادة السودانية في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية، في محاولة لضمان حق الطلاب في التعليم وإنهاء ما وصفته بالإقصاء الأكاديمي الذي طال آلاف التلاميذ خلال العامين الأخيرين.
ويأتي هذا التوجه عقب تنظيم محدود لامتحانات الشهادة السودانية في شهري ديسمبر ويناير الماضيين، شمل فقط شمال ووسط وشرق البلاد ضمن المناطق التي يسيطر عليها الجيش. وقد أثارت هذه الخطوة جدلاً واسعاً، حيث اعتبرها عدد من المراقبين دليلاً على تصاعد الاستقطاب الجغرافي وإشارة إلى احتمال تشكل انقسام مؤسسي داخل الدولة.
وأوضح تجاني الطاهر كرشوم، رئيس الإدارة المدنية في إحدى ولايات دارفور، أن العمل جارٍ على وضع خطط أولية لإجراء الامتحانات القومية في المناطق التي تقع تحت سيطرة الإدارات المدنية، مشيراً إلى أن حرمان الطلاب من أداء الامتحانات كان فعلاً ممنهجاً يجب تصحيحه لتحقيق العدالة التعليمية.
وفي هذا السياق، شهدت مدينة الجنينة انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية بمشاركة أكثر من 1,700 تلميذ وتلميذة، من بينهم أبناء نازحين ولاجئين قدموا من مناطق التماس ومخيمات اللجوء بشرق تشاد. واعتبر كرشوم نجاح هذه الخطوة مؤشراً واضحاً على قدرة الحكومات المحلية في دارفور على إدارة العملية التعليمية بكفاءة رغم التحديات الأمنية واللوجستية.
وفي تصريح آخر، أعلن أبوبكر ناصر، المدير العام لوزارة التربية والتوجيه في غرب دارفور، اكتمال الاستعدادات الفنية والإدارية لانطلاق امتحانات المرحلة المتوسطة في 19 يوليو المقبل، بينما تستمر حالياً امتحانات المرحلة الابتدائية في عدد من المراكز المنتشرة في مختلف محليات الولاية.
وتقع غالبية مناطق غرب، جنوب، وسط وشرق دارفور، إضافة إلى أجزاء كبيرة من شمال دارفور وغرب كردفان، تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، الأمر الذي أدى إلى انقطاع آلاف الطلاب عن الدراسة النظامية للعام الثالث على التوالي.
وتُفهم هذه التحركات من قبل الإدارات المدنية على أنها محاولة جادة لإعادة دمج المجتمعات المتأثرة بالحرب في النظام التربوي، في ظل استمرار عمل مؤسسات الدولة الرسمية من العاصمة المؤقتة بورتسودان، بما يعكس حالة من الانقسام الإداري والسياسي المتزايد في السودان.
ويؤكد تربويون وحقوقيون على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة الاختلالات في توزيع الفرص التعليمية، وضمان حق جميع التلاميذ في أداء الامتحانات القومية بمعزل عن الاعتبارات الجغرافية أو الانتماءات السياسية، مشددين على أن التعليم حق دستوري لا يجوز التنازل عنه.