اخبار السودان

القصة الكاملة لمعجزة إنقاذ الطفل محمد أبو سبعة من حطام طائرة سودانير

بعد أكثر من عقدين على واحدة من أكثر الكوارث الجوية إيلاماً في تاريخ السودان، أعاد المهندس بشير عبد الرحمن بشير، مساعد مدير عام شركة مطارات السودان المحدودة (السابق)، فتح ملف حادث طائرة سودانير من طراز B737 الذي وقع قرب مطار بورتسودان فجر 8 يوليو 2003، مسلطاً الضوء على الحقيقة الكاملة وراء إنقاذ الطفل محمد أبو سبعة، في رواية موثقة وشهادة مباشرة من قلب الحدث.

حادث هزّ الوجدان السوداني

يُعد حادث طائرة الخطوط الجوية السودانية قرب مطار بورتسودان من أسوأ الحوادث الجوية في تاريخ الناقل الوطني، إذ أسفر عن استشهاد 116 راكباً، في مأساة وطنية رغم ما عُرفت به سودانير من التزام صارم بمعايير السلامة الجوية وكفاءة طواقمها.

ويؤكد بشير عبد الرحمن أن الطيران، ورغم الحوادث العرضية، لا يزال من أكثر وسائل السفر أماناً عالمياً، مشيراً إلى أن الأعطال الفنية والأخطاء البشرية تبقى من أبرز أسباب الحوادث الجوية في كل دول العالم.

لحظات ما قبل الكارثة

في حوالي الرابعة والثلث فجراً، تلقى بشير اتصالاً عاجلاً من المطار يفيد بسقوط طائرة سودانير، ليتحرك فوراً مع قيادات من المراقبة الجوية وأمن الطيران نحو موقع ألسنة اللهب التي شوهدت من محيط المطار، وسط ظلام دامس وصعوبة في الوصول بسبب التضاريس الوعرة.

الوصول إلى موقع التحطم

بمساعدة أحد حراس المطار من قبيلة الهدندوةتم الوصول إلى موقع التحطم وسط أشجار المسكيت والرمال، حيث كانت عربات الدفاع المدني والإسعاف قد باشرت مهامها، وأُخمدت النيران الرئيسية، وسط اعتقاد أولي بعدم وجود ناجين.

معجزة وسط الركام: إنقاذ محمد أبو سبعة

خلافاً لكل التوقعات، وأثناء تمشيط الموقع، سُمع صوت أنين خافت بين الحطام. وبالاقتراب، تبيّن وجود طفل حي يرقد تحت جسم معدني محترق داخل الطائرة.

يروي بشير أن الطفل كان:

نصفه الأسفل محشوراً تحت دولاب معدني ساخن،

ملابسه مبللة بوقود الطائرة،

إحدى قدميه مبتورة عند الكعب دون نزيف،

لكنه كان واعياً ويئن بصوت خافت.

وبمساعدة عصا خشبية، تم رفع الجسم المعدني وسحب الطفل، ليُنقل فوراً عبر الإسعاف إلى مستشفى بورتسودان العام.

ويؤكد الشاهد:

“لم يُعثر على الطفل معلقاً بشجرة، ولم ينقذه أي راعٍ كما أُشيع… هذه روايات غير صحيحة، والحقيقة أن إنقاذه تم من داخل حطام الطائرة وبأيدي الدفاع المدني.”

ماذا هي معجزة؟

رغم شدة الاصطدام، وكثافة النيران والدخان، وفقدانه جزءاً من قدمه، نجا الطفل الوحيد من بين 116 راكباً، وكان عمره حينها عامين فقط. ويصف بشير ما حدث بأنه:

“قدرة إلهية خالصة… من يُكتب له العمر تُهيأ له الأسباب.”

مشاهد الحزن والتكافل

مع شروق الشمس، توافد أهالي بورتسودان بأعداد كبيرة إلى موقع الحادث، في مشهد جسّد تكاتف المدينة حكومةً وشعباً.

تم:

تأمين الموقع بالقوات النظامية،

جمع مقتنيات الشهداء وتسليمها لذويهم،

العثور على الصندوق الأسود،

ودفن الشهداء في مقبرة جماعية بعد الصلاة عليهم.

ومن بين الشهداء، اللواء الركن نور الهدى فضل الله، قائد الدفاع الجوي، الذي كان في مهمة رسمية إلى الخرطوم.

شهادة للتاريخ

يؤكد بشير عبد الرحمن أن هدفه من هذه الشهادة تصحيح الرواية التاريخية للأجيال الجديدة، دون إثارة مواجع أسر الضحايا، موجهاً تحية خاصة للطفل محمد أبو سبعة، الذي أصبح اليوم شاباً، ولأرواح الشهداء الذين “نحسبهم عند الله شهداء”.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

الوليد محمد

الوليد محمد – صحفي يهتم بالشؤون المحلية والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى