شئ للوطن
م.صلاح غريبة
غجر السودان ام (حلب) السودان….!
في عام 1992 قرّرت الأمم المُتحدّة اعتماد يوم الثامن من ابريل ليكون اليوم العالمي لـ “الغجر”، لتسليط الضوء على ثقافتهم وتاريخهم وتذكير العالم بما واجهوه تاريخياً من اضطهاد وما يواجهونه اليوم من تمييز،
بحسب مجمع اللغة العربية؛ فإنّ كلمة “غَجر” هي جمع لكمة “غَجريّ” ومؤنثها “غَجريّة” والغجر هم: “قوم جفاة متجوِّلون، منتشرون في جميع القارّات، يتمسَّكون بتقاليدهم الخاصَّة، ويعتمدون في معاشهم على التِّجارة، أو عزف الموسيقى وقراءة البخت، أو التَّسوّل، أو بعض الصناعات الخفيفة”. كما جاء في المعجم الوسيط أنّ كلمة “غجريّ” تعني “متشدِّد، متسكِّع، متحلّل من مواصفات المجتمع وقيَمِه”.
ولا بُدّ أنّ المعنى الأخير على وجه التحديد، خلق نوعاً من التوجّس لدى المجتمعات من الغجر، وكان سبباً في اضطهادهم تاريخياً، سيما من قِبل المجتمعات المُستقرّة التي تشعر بالخوف من وجود قوم مختلفين لا يخضعون لقيم المجتمع التقليدية.
ومصطلح “الغجر” في نهاية الأمر، عبارة عن تسمية عرقية وقد أُطلقت في البداية على جماعة بشرية جاءت من الهند إلى أوروبا خلال العصور الوسطى، بحسب المصادر التاريخية، حيث يتفق معظم المؤرخين على أنّ الأصل الجغرافي لشعب الغجر يعود إلى الهند، بناءً على تعقّب جذور لغتهم، التي وجدوا ارتباطاً بينها وبين اللغات الهندية القديمة.
يُقدّر عدد الغجر حول العالم بحوالي 10 ملايين شخص، ينقسمون إلى مجموعتين هما: “رومن” و”دومر”. ويُشكّل “الرومن” أو “الرّوما” ثلاثة أرباع عدد الغجر حول العالم؛ إذ يُقدّر تعدادهم بـ 7 ملايين و590 ألفاً، نصفهم يعيشون في أوروبا الشرقية.
وينقسم الغجر الرّوما إلى مجموعة أخرى، منها “الفلاكس” الذين يعيشون بالغالب في رومانيا والبرازيل والبوسنة والهرسك والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يدينون بالمسيحية ويتحدثون اللغة “الرومنية” بلهجتهم الفلاكسية.
بالإضافة إلى غجر “البلقان الرّوما” الذين يتركزون في أوكرانيا وصربيا وبلغاريا، حيث يتحدثون باللغة “الرومنية”، “اللهجة البلقانية”، باستثناء من يعيشون في صربيا والذين يتحدثون بلهجة خاصة. ولا يوجد ديانة خاصة بغجر البلقان، حيث يدين من يعيش منهم في أوكرانيا بديانة خاصة بهم، فيما يدين أغلبيتهم بالديانة المسيحية، وثمة أقلية تعيش في تركيا ومقدونيا وإيران والبوسنة والهرسك ورومانيا وأفغانستان والجزائر وتدين بالدين الإسلامي، أما في بلغاريا فيسمون بغجر “الزرغر”، وهم مسيحيون في أغلبيتهم، وبعضهم مسلمين، بالإضافة إلى أقلية بلا دين.
ومن ضمن مجموعات “غجر الرّوما” هناك غجر “الكالو” في إسبانيا، الذين يعيشون في وسط وجنوب إسبانيا، فضلاً عن جزر الكناري والبرازيل، ويتحدثون لغة الدولة التي يقيمون فيها بشكل أساسي، بالإضافة إلى لغة “الكالو” الخاصة بهم، وهم مسيحيون ينقسمون بين البروتستانت والرومان الكاثوليك.
أمّا “غجر الدومر”، فيمثلون ربع عدد الغجر حول العالم؛ إذ يُقدّر تعدادهم بمليونين و563 ألف شخص، ينتشر ثلثيهم في الشرق الأوسط والثلث الأخير يعيش في آسيا الوسطى.
يُطلق على غجر الدومر الذين يعيشون في الإمارات اسم “الزُط”، علماً بأنّ بعض “الزُط” يعيشون في العراق وسوريا أيضاً
وينقسم غجر الدومر إلى مجموعات منها “الحلَب”، وينتشر أغلبيتهم في مصر وليبيا، وثمة أيضاً “النَوَر”، ممّن يعيشون في مصر وفلسطين والأردن وبادية سوريا وإيران، بالإضافة إلى “الغُربَتي” والذين يتوزعون في غرب إيران وفي سوريا والأردن، بالإضافة إلى غجر “اللولي” الدومر الذين يعيشون غرب إيران وأوزبكستان وقيرغيزستان.
يوجد في السودان عدد من مجموعات الغجر، يُعرفون باسم “الحلبي” أو “الحلب”. يُعتقد أنهم وصلوا إلى السودان منذ مئات السنين، ويتركزون بشكل أساسي في ولايات الخرطوم، كسلا، وشمال كردفان.
الغجر في السودان لهم تاريخ وثقافة غنية، تشمل موسيقى مميزة وفنون تقليدية مثل الرقص والحرف اليدوية. يُعرفون أيضًا بمهاراتهم في التجارة وتربية الخيول، والعديد من العادات والتقاليد المميزة، مثل عادة “الزواج المبكر” و”الختان”.
يواجه غجر السودان العديد من التحديات، أهمها: التمييز والتهميش من قبل المجتمع السوداني، مما يحد من فرصهم في التعليم والعمل، ويعيشون في فقر مدقع، مما يجعلهم عرضة للعديد من المخاطر ولا يحصلون على فرص كافية للتعليم، مما يحد من فرصهم في تحسين حياتهم.
يُعد اليوم العالمي للغجر 2024 فرصة للاحتفال بثقافة غنية ومواجهة التحديات التي تواجه هذا المجتمع. من خلال العمل المشترك، يمكننا ضمان مستقبل أفضل لغجر السودان.