16 يناير 2023
تتواتر أنباءٌ عن حُشود وتجمُّعات لمجموعات مسلحة في ولايتي شمال وغرب دارفور التي يحكمها ولاة من مُوقِّعي اتفاق جوبا لسلام السودان، وتصاعد خطاب التعبئة والكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصّةً الرسائل الصوتية.
وفي جنوب دارفور، هنالك تعبئة ضد زيارة وزير المالية، رئيس حركة العدل والمساواة دكتور جبريل إبراهيم محمد فضيل، وضد اتفاق جوبا بصورة عامة، ظناً منه أنه يمثل شمال دارفور وهو اعتقادٌ خاطئ. ظللنا نصحِّح في تلك المعلومة المغلوطة بأن شمال دارفور مظلومة كسائر بقية ولايات دارفور، والمشاركون في السلطة يمثلون أنفسهم وتنظيماتهم فقط، كما أن المثلث الحدودي بين تشاد وأفريقيا الوسطى والسودان هو الآخر يشهد حشوداً وتوتُّرات، فَضلاً عن شرق السودان ومناطق غرب كردفان والبطانة كل له مليشياته، والغريبة بعضهم كانوا ضباطا كبارا، ومنهم من كان والياً وفي هيئة أركان الجيش السوداني يقود عملاً جهوياً.
وفي ظل كل هذه التحرُّكات، اجتمعت أمس اللجنة العسكرية الليبية المشتركة بمدينة سرت، وبحثت ملف إخراج القوات الأجنبية والمُرتزقة والمُقاتلين الأجانب وهم فيهم عددٌ كبيرٌ من السودان وتشاد، وقد يهربون بسلاحهم وسيارات الدفع الرباعي وأرض دارفور مفتوحة والقبائل المشتركة تُناصر بعضها البعض، وقد انتشر خبرٌ مفاده أنّ عشرات المسلحين عبروا الحدود التشادية إلى السودان بسيارات دفع رباعي وأسلحة ثقيلة إلى ولاية غرب دارفور، وقالت السلطات هناك إنّهم يتبعون للحركات الموقعة لاتفاق السلام، علماً بأن الوالي ونائبه يتبعان للحركات المسلحة، ولا أدري هل هم قوة جديدة تم تدريبها أم من حَملة الجنسية المزدوجة، فكيف كل هذا الوقت يكونوا في تشاد؟ وهل تشاد تسمح بوجود عناصر مسلحة في أراضيها، وأين القوات المشتركة التشادية السودانية والمتهمة دائماً من قِبل الرُّعاة بعدم الحياد؟
عموماً، الحدود تحتاج إلى قوة كبيرة ويؤسس لها متحرك كبير أكبر من قوات درع السلام بإمكانَات عالية وتقنيات ودعم دولي، لأنه مسؤولية مشتركة بين السودان والشركاء الإقليميين، في ظل تنامي الأعمال الإرهابية واستفحال الجريمة العابرة للحدود والمُعقّدة، وهي تتخذ أشكالاً عدة كالتهريب والمتاجرة بالأسلحة وترويج المخدرات والهجرة غير الشرعية، والتي أصبحت أيضاً شكلاً من أشكال الإجرام المُنظّم العابر للحدود والمتحالف مع الجماعات الإرهابية، التي تسعى لتوسيع نفوذها في المنطقة، وبالتراخي المشهود الآن سوف تدخل دارفور ومِن ثَمّ بقية أجزاء السودان ما لم يتعاون الجميع وينسقوا لوقف المخاطر، وينتبه التبع من الفلول للمخاطر المحدقة التي هم سيكونوا أول الضحايا.
ومن هنا، الحكومة مطالبة بالتحرك العاجل لحسم كل مظاهر التجييش خارج إطار القوات النظامية وإصدار قرار يمنع وهم الحواكير وامتلاك الأرض للقبائل، الأرض للدولة ويجرم من يدعي ذلك، هذا العبس غير موجود في الدول ذات الدساتير والقوانين، فقط الأساس المواطنة، فكيف لشخص مولود في كسلا أو القضارف “وعمره ما شاف دارفور يقول له أحقية في الأرض من آخر عاش وترعرع فيها”، والعكس إذا شخص ولد وتربى في نيالا وهو من قبائل الشمال، لا يمكن أن تكون له أحقية أكثر من ابن الغرب الاجتماعي في عطبرة أو دنقلا، والدولة مطالبة بمحاسبة دعاة الفتنة.
ومن هنا، لا بد من الإشادة بحديث الشيخ آدم حامد جار النبي الذي دعا إلى وقف الحشود وعدم الاقتتال، وحذّر من الحرب الأهلية الشاملة من أجل أرض جرداء، وطالب أهله بعدم الاستماع إلى اللايفاتية والمُحرِّضين.
وبرأيي، أن الذي يجري يقف وراءه طرفٌ ثالثٌ خفيٌّ ومعلومٌ لأصحاب البصيرة.