لجنة تسيير نقابة المحامين التي يقودها الصديق علي قيلوب، حزب أمة قومي، وهي نقابة معينة من قبل مجلس السيادة بعد حل نقابة المحامين المنتخبة في فترة الإنقاذ.
ونقابة المحامين، نقابة مهمة جداً ولها تاريخ قديم وهي محل صراع طيلة فترات الأنظمة السابقة منذ الفريق عبود وحتى المشير البشير، لأنها مكان ممارسة الحقوق والقانون، وهي مرت بظروف مختلفة ودائماً تدخل في أزمات داخل الوطن ولكن يقف معها الخارج كاتحاد المحامين العرب وغير ذلك منذ نقابة فاروق أبو عيسى، ولذلك هي من النقابات الطليعية والقيادية في قيادة العمل العام ولها إسهامات مقدرة.
تقدمت لجنة التسيير بمسودة دستور للفترة الانتقالية واختلفت الآراء حول منشئه، قيل هو صناعة خارجية تبنته فقط النقابة، وبعضهم قال صناعة النقابة.
ولكن بغض النظر صناعة خارجية أم داخلية ليس المهم، ولكن المهم محتوياته، وأيضاً هو مسودة دستورية كغيره من المسودات المطروحة من القوى السياسية والتي بلغت حتى الآن حوالي ثماني مسودات.
وهو لا يكون وثيقة دستورية الا بعد إجازته، وبغياب المجلس التشريعي يكون مكان إجازته مجلس السيادة ولن يتم ذلك الا بموافقة الغالبية العظمى من القوى السياسية.
وعليه، فإن مسودة هذا الدستور تحتاج الى نظر كل القوى السياسية دون عزل وكذلك نظر المكون العسكري.
علمت أن المكون العسكري نظر في مسودة المحامين وأدخل عليها مجموعة تعديلات، بعضهم قال واحد وثلاثين تعديلاً، وبعضهم قال ستة وخمسين تعديلاً، ثم سلم الوثيقة المعدلة الى الآلية الثلاثية لتعرضها على القوى السياسية والمجتمعية والمدنية لتنظر فيها وتقدم تعديلاتها ومقترحاتها ليست فقط وثيقة للتوقيع عليها دون النظر فيها، ويستصحب ذلك إعلان دستوري يحدد ملامح الفترة الانتقالية، ومطلوباتها تدرس وتوقع عليه القوى الراغبة في المشاركة في الفترة الانتقالية.
إذن، أعتقد أنّ اللغط والشائعات التي تحدث الآن هي ضرب (قراف) وهي همس مجالس، وهي رغبة بعض، وهي شد حبال من قبل (فيني ولا بجي) وكلٌّ يريد أن يكبر كومه ويسعى لكسب مزيد من النقاط.
وهذا الدستور ترجمة للإعلان السياسي، وهو أيضاً مشروع إعلان سياسي وليس وثيقة نهائية، ولاحظت أن مسودة الإعلان السياسي فيها نص واضح انه لا عزل لأحد الا المؤتمر الوطني، ولذلك كل راغب في المشاركة في الفترة الانتقالية، سيكون ضمنه اذا وقع عليه، خاصة وأن هنالك قوى لا ترغب في المشاركة في الفترة الانتقالية، فقط تود ان تشارك في صناعتها دون تولي سلطة فيها، وهي قوى تريد الانتخابات.
إذن، ما يُروِّج له البعض أن الاتفاق حول الدستور قد اكتمل، وإن قحت راجعة وعائدة لوحدها ليس صحيحاً، وإنّ القوى السياسية والمجتمعية والمدنية ستكون خارج أي اتفاق لقيادة الفترة الانتقالية، وكذلك مسودة دستور نقابة المحامين التي حدثت فيها تعديلات كثيرة وكبيرة غيّرت شكلها ومضمونها وطعمها حتى لونها.
إذن، المطلوب الآن اتفاق القوى السياسية على وثيقة المحامين مع إجراء التعديلات اللازمة وفق جمع المسودات وتعديل الإعلان الدستوري، وذلك عبر مائدة مستديرة أو عبر تشاور مباشر من قبل الآلية الثلاثية طالما هي الوسيط بغض النظر عن مواقف بعض أعضائها، لأنّ المشروع سوداني وهم مُسهِّلون.
وليعلم الجميع مهما علا موقف التدخل الأجنبي سيسود القرار الوطني، خاصةً وأنّ مُتغيِّرات العالمية والإقليمية كثيرة وعاجلة، وكل مشروع وطني سائد على المشروعات الأخرى ودورة الحياة متقلبة حتى الأحزاب السياسية تعلو وتضمحل.
العالم مُتغيِّرٌ والعلاقات الخارجية أيضاً متغيرة، والحكم دورات، ولكن المهم البعد السياسي والاجتماعي والاقتصادي السوداني في المشروع.
إذن، مسودة دستور المحامين والإعلان الدستوري المطروح نقطة وقاعدة انطلاق وتضاف مسودات الآخرين ويحدث تراضٍ وطني لصالح الوطن ولصالح الحكم واستقراره، وليست هي مسودة دستور نهائية دون تعديل عليها. أما الكلام عن أنها علمانية أو اشتراكية أو دينية فهذا تحدده القوى السياسية وتعديلاتها المداخلة على المسودة.
وليعلم الجميع أنه ليست هنالك دولة أو دول تستطيع أن تملي على الشعب السوداني مَن يحكمه ولا كيف يحكم، لا الرباعية ولا الثلاثية ولا الخماسية ولا السباعية، لأنّ السودان سيّد نفسه، المهم التراضي الوطني السوداني الذي يقود الى حكم سوداني مستقر، والشعب السوداني قادرٌ على أي سفير تجاوز حدوده، ولو سكتت الحكومة عن ذلك أو تقاعست..!