في الحرب بين الفيتناميين والولايات المتحدة، أذاق الفيتناميون، الأمريكان ضربات مُوجعة، وتكبّدوا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وعندها قرّروا التفاوض، واتفق الطرفان أن يتم التفاوض في باريس، وأرسل الفيتناميون وفداً من الثوار يمثلهم من رجلين وامرأتين إلى باريس للتفاوض والتباحث حول وقف الحرب.
وصل الوفد إلى باريس، وكان قد جُهِّز للوفد نُزلٌ في أرقى الفنادق الباريسية وجيء لهم بالعربات الفارهة، وجُهِّزت لهم كل وسائل وأسباب الراحة والمُتعة وكل مَا لَذّ وطَابَ.
ووصل الوفد إلى باريس ونزل في المطار، ولكن الوفد رفض ركوب السيارات، وطلب مُغادرة المطار بطريقته، وإنه سيحضر الاجتماع في الوقت والمكان المُحدّدين، واستغرب المُضيفون وسألوا رئيس الوفد أين ستقيمون؟ قالوا سنقيم مع طالب فيتنامي في إحدى ضواحي باريس.
فقال لهم الأمريكان جهّزنا لكم محل إقامة مُريح في فندق فخم، فقال الفيتنامي نحن كنا نقاتلكم ونحن نقيم في الجبال، وننام على الصخور، ونأكل الحشائش، فلو تغيّرت علينا طبيعتنا نخاف أن تتغيّر معها ضمائرنا فدعونا وشأننا!
وفعلاً ذهب الوفذ وأقام في منزل الطالب الفيتنامي، وفعلاً قاموا بمباحثات أدت الى جلاء المحتل الأمريكي عن كل فيتنام.
وحين التقى الوفدان على أرض مطار باريس، بادر الوفد الأمريكي لمصافحة الوفد الفيتنامي، ولكن الفيتناميون رفضوا مصافحة الأمريكان. قال رئيس الوفد الفيتنامي، ما زلنا أعداء ولم يخولنا شعبنا بمُصافحتكم!
وعليه، هذا الموقف يؤكد أن هؤلاء الثوار الفيتناميين ثوارٌ وطنيون وأصحاب قضية، ولم يبيعوا وطنهم وشعبهم وقضيتهم، لذلك انتصروا على أقوى دولة في العالم، وسجّلوا في التاريخ أكبر وأهم انتصار.
وعليه، أن الأوطان يحافظ عليها أبناؤها، يدفعوا في سبيل الحفاظ على كل مُرتخص أو غالٍ.
الآن السودان صار دولة مفتوحة للدول الأجنبية، وصار أبناؤه هم الأزمة، حيث أدخلوا كل غريب في الشأن السوداني، وأشركوا البسوى والذي لا يسوى في شأن إدارة السودان، وكثرت التدخُّلات الأجنبية، آلية رباعية وآلية ثلاثية وآلية خماسية، وموظف أممي في الدرجة الرابعة يُقرِّر في شأن البلاد والعباد ويقابل رئيس مجلس السيادة ونائبه، وسفراء دول يجمعون أهل السودان ويعيثون في السودان كما يشاءون، وصار السودان (ملطشة)!!!
ولذلك، حتى يكون السودان دولة ذات سيادة، يجب إيقاف هذا العبث، وذلك بِسَن قَانُون السيادة الوطنية وحماية الدولة، وكذلك تفعيل القوانين التي تنظم علاقات السفارات مع الدولة المُضيفة، وإيقاف أي نشاط من سفارة دولة خارجية إلا بإذنٍ، وأيِّ مُقابلة إلا بواسطة وزارة الخارجية، وأيِّ سفير يجب أن يلتزم بالقوانين والأعراف الدولية، ويجب أن تفعل وزارة الخارجية قانوناً غير مرغوب فيه.
وقديماً قيل “مَن يبيع ضميره بَاع وطنه”..!