أحمد إبراهيم دريج من مواليد عام ١٩٣٥م، وُلد في قرية كارقولو مركر زالنجي ولاية غرب دارفور، درس الأولية بالفاشر، والوسطى في الدويم (بخت الرضا)، والثانوي في حنتوب، ثم جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد تخصص إحصاء عام ١٩٥٧م، ثم نال الماجستير بجامعة ليستر بالمملكة المتحدة.
عمل الأستاذ أحمد إبراهيم دريج في بداية حياته العملية مديراً عاماً للإحصاء في عام ١٩٥٧م، اُنتخب عضواً في الجمعية التأسيسية عن دائرة قارسلا عام ١٩٦٥م، وصار وزيراً للعمل عن حزب الأمة، وأصبح زعيماً للمعارضة في عام ١٩٦٨م، ثم حاكماً لإقليم دارفور عام ١٩٨١م، وكان رئيساً لجبهة نهضة دارفور عام ١٩٦٤م، ثم هاجر إلى الخليج، وصار مستشاراً لحكومة الإمارات المتحدة، وكوّن ثروة ضخمة، وهو متزوج من الأستاذة حنا ألمانية الجنسية، وكذلك ابنة عمه وله عدد من البنات والبنين.
أسس دريج وأبناؤه عدداً من الشركات في بتسوانا، وتزعم الحزب الفيدرالي.
دريج شخصية سياسية، اجتماعية، اقتصادية، خفيفة الظل، يتمتّع بقدرات قيادية عالية، وهو خطيبٌ مُفوّهٌ، ومُتحدِّثٌ لبقٌ، وصاحب حجة.. وهو رجلٌ متواضعٌ جداً، وهو عاش رغم علمه وماله، ورغم أنه من بيت إدارة أهلية كبير، كان أبوه شرتاي، بل ورغم ما تولى من مواقع قيادية في البرلمان والدولة، ورغم علاقاته الكبيرة في خارج السودان، إلا أنه لم يتكبر ويتجبر، بل كان شخصاً متواضعاً، سهل المعاملة، يمتاز دريج بأنه يتعامل مع الصغير والكبير، وكان يعتز جداً بسودانيته ودارفوريته.
قابلَت دريج، صعابٌ كثيرة في مسيرته السياسية، حيث قامت الحرب الأهلية في فترة توليه حاكماً لإقليم دارفور، وكذلك المجاعة في دارفور عام ١٩٨٣م.
تعرّض لضغوط شديدة من الرئيس النميري عندما كان حاكماً، وجاء إلى حكم دارفور عبر انتفاضة شعبية هزّت عرش حكومة الخرطوم، وأيضاً خرج من السودان بعد ما تعرّض له من ضغوط، وقدم استقالته من وظيفة حاكم دارفور.
دريج رجلٌ له أثرٌ كبيرٌ في دارفور، حيث أنشأ عبر نسابته الألمان طريق نيالا – كاس – زالنجي، وبدأ طريق الفاشر – نيالا ردميات، وفي عهده قام مشروع جبل مرة الزراعي، وقامت مشاريع كثيرة.
قام دريج بتنمية كبيرة في دارفور، وكان رجلاً ملماً بكل أهل دارفور وأعرافها وتقاليدها، وهو من الرعيل الأول الذهبي في دارفور، دريج شخص قائد فذ يعرفه القاصي والداني.
نحن عاصرناه في فترة حكمه لدارفور، وكنا أعضاءً في مجلس الشعب الإقليمي لدارفور، وناطحناه بشدة، وكنا شباباً معنا حماس زائد، ولو عاد التاريخ عجلاته الى الوراء لكنا أكثر مُناصرةً له ووقوفاً معه، واكتشفنا كثيراً من أخطائنا بعد حين، بل اكتشفنا أنّ كثيراً من مواقفنا ضده كانت خطأً وحماساً دون تبصر، ولكن الحمد لله استفدنا الآن من تلك التجارب للعمل على مزيد من وحدة أهل دارفور، ولجمع الصف السوداني.
وأنا هنا أسجِّل اعتذاراً للقامة دريج في مواقف كثيرة وقفناها ضده دون دراية ووعي.
إنّ دريج علمٌ من أعلام السودان، ورمزٌ من رموز السودان الوطنية، وقائدٌ سوداني لجب، وزعيمٌ لا يشق له غبار، وهو من منزل كبير في دارفور، له التقدير ولأبناء جيله والرعيل الأول من قيادات دارفور محمود بشير جماع ودكتور آدم مادبو والدكتور علي الحاج وإبراهيم عمر محمد وسعد محمود مادبو والسيد عبد الرحمن دبكة والسلطان بحر الدين والملك رحمة الله والمقدوم أحمد رجال والبروف آدم الزين محمد وغيرهم كثر.
نسال الله تعالى للموتى الرحمة والمغفرة، وللأحياء الصحة وطول العمر.
مناشدة لكل أبناء دارفور وأهله للوحدة ونبذ القبلية والعنصرية.
ومناشدة لأهل السودان لجمع الصف وتوحيد الكلمة، والعمل على نهضة وتقدم البلاد، والابتعاد عن القبلية والعنصرية والجهوية، ولنحافظ على السودان واستقلال القرار الوطني.
الرحمة والمغفرة للرجل العظيم أحمد إبراهيم دريج،
ولقد شاركنا في تشييعه من الخرطوم إلى مطار الجنينة، وكان المشيعون مصطفين على جانبي الطريق من الجنينة حتى زالنجي، وامتلأت كل مدينة زالنجي بالبشر، وكذلك من زالنجي حتى مقبرته في كارقولو
كانت شهادة له بالسعادة ولحب أهل دارفور له.. نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة.