أستغرب للذين يهاجمون الشيوعيين، ويتركون البرهان وحميدتي.
فليكن هؤلاء الشيوعيون كفرة وأولاد حرام، فإن أزمتنا اليوم ليست بسببهم.
نترك البرهان الذي يتلاعب بالشارع، ويهاجمه بكل الوسائل الخبيثة؟
نترك حميدتي الذي يجند أطفالا كل همها قمع وإذلال وقتل هذا الشعب؟
ولا يسأله أحد عن استغلاله لموارد البلد؟
نترك هؤلاء وندرع كل مصيبة في الشيوعيين؟
فليكن هؤلاء الشيوعيون عباد أصنام، فهل هم الآن سبب أزمتنا؟
من يهاجم الشيوعيين ويترك أصحاب الأزمة الحقيقيين أشبه بذلك الثور داخل الحلبة حيث لا يهاجم ولا يثور ذلك الثور إلا على من يرتدي ثوبا أحمر.
برمج الثور في الألعاب الرياضية بأن عدوه فقط من يلبس الثوب الأحمر.
يدخل عليه كل لون آخر لا يكترث به.
لا يهاجم ولا ينشط ولا يبرز قواه إلا على من يرتدي الثوب الأحمر.
فهذا الثور درب على ذلك.
فمن الذي درب هؤلاء؟؟!!
فكل ما تظهر لنا أزمة يقولون سببها الشيوعيون.
هل يريدون بذلك ان يغيبوا الرأي العام عن أزماته؟
لا يبدو ذلك.
هل يريدون أن ينتقموا من الشيوعيين بحيث لا يجعلوهم يستفيدون من سقوطهم؟
فهم بذلك سوف تصيبهم مصيبتين:
مصيبة سقوطهم.
ومصيبة ظهور الشيوعيين.
لا يبدو ذلك أيضا.
فهذه الاحتمالات ليست واردة، فلا يمكن ان تكون الأزمة واضحة لهذه الدرجة، وهم بكامل وعيهم ويهاجمون الشيوعيين.
فالله سبحانه وتعالى لم يرجع عدو المسلمين للكفار فقط.
فمرة يرجعه للكفار كما في غزوة بدر.
ومرة يرجعه لعدم طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب الدنيا كما في غزوة أحد.
ومرة يرجعه بسبب العجب بالكثرة كما في غزوة حنين.
فما سبب هجوم هؤلاء للشيوعيين لهذه الدرجة بحيث لا يرون عدوا غيرهم؟
يبدو سبب إرجاع هؤلاء كل مصيبة للشيوعيين – والله اعلم – هو أن هؤلاء برمجوا على مهاجمة الثوب الأحمر دون وعي منهم.
إذ لا يمكن ان يترك احد سلطة تعدت على الثوار وحجمت كل تحركاتهم، وفي يدها كل القوات النظامية من جيش وشرطة ودعم سريع ويقال أن هذا سببه الشيوعيون.
لا يقول ذلك إلا شخص مبرمج يوجه بصره فقط صوب الثوب الأحمر مثله في ذلك مثل ذلك الثور داخل الحلبة.
ولا يدرك هؤلاء بأن هجومهم على الشيوعيين بهذه الطريقة يخدمون فيها الشيوعيين؛ لأنهم بذلك يضعون لهم خطرا وأهمية أكبر من حجمهم بمراحل.
ثم حينما تأتي الأزمة ويكون سببها الشيوعيين لا يلتفت أحد إلى تنبيههم وتحذيراتهم، وذلك بسبب هجومهم المستمر عليهم، وبسبب تعليق كل أزمة بهم.
غيروا هذه الطريقة التي أكل عليها الدهر وشرب، فقد تكون نجحت في الخمسين سنة الماضية بسبب تغبيش الوعي العام.
أما الآن وقد عم الوعي الجميع، فلم يعد لتغفيل الناس مجال.
خاطبوا الناس على أنهم يدركون كل الحقائق؛ لكي يتم قبولكم من جهة، ولكي تثبت الحقائق على أرض الواقع من جهة أخرى.
هذا الأمر يحتاج:
أولا: إلغاء هذا التدريب الذي يغضب ويحتج على اللون الأحمر فقط.
ثم ثانيا: إبداله بعيون تثور وتغضب وتحتج على كل من يؤذيها، ويعطل مصالحها بغض النظر عن لونه، حتى وإن كان يرتدي اللون الأبيض، فلا بد أن ينظر لفعله جيدا، ولا بد أن يعرف اللكمة من أي جهة خرجت.
إذا احتاج تدريب عين الثور إلى خمسين سنة؛ ليعتبر أن عدوه اللدود هو الثوب الأحمر فقط.
فكم تحتاج هذه العين من التدريب؛ لتنظر لمن يؤذيها بغض النظر عن لونه؟؟؟؟