إن الخطوة التي قام بها رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان لتصحيح مسار الثورة والقرارات التي أصدرها في 25 أكتوبر الماضي لم تأت من فراغ فالخطوة أتخذت في أعقاب إنحراف كبير لمسار الثورة التي أصبحت في لحظة معول لهدم الدولة وتشريد الأسر وتسلل من خلالها الفقر والجوع لغالبية المواطنين حتى أن كثيراً من المواطنين أصبحوا يعجزون عن الحصول على قوت يومهم .لمن لا يعلم أو يعلم ويجهل نشير إلى أن الخطوة التي إتخذها البرهان تمت بمباركة رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك ونأمل أن لا يخرج أحد ويتطاول ويقول طالما إن الخطوة بمباركته فلماذا رفض منذ البداية العودة إلى منصبه؟ ولماذا وضع تحت الإقامة الجبرية ؟ إن الإجابة على تلك الأسئلة تتطلب ذهن قارئ حصيف يعلم تماماً كيف يحلل الأحداث من حوله، ولنؤكد على أن الخطوة كانت تصحيحية وليست إنقلاباً كما أطلق عليه بعض فاقدي التركيز السياسي وأصحاب الآفاق الضيقة، فإن البرهان لم يعتقل أو يختطف حسبما أطلق بعض مستجدي العمل الإعلامي بل تم نقل السيد حمدوك معززاً مكرماً إلى بيت ضيافة يمنع وصول أي من أعوانه ومساعديه له .كان حمدوك منذ البداية يعلم بمخطط البرهان ويطابقه الرأي ولكن سياسة لي الذراع التي مارستها عليه حكومته هي التي حالت دون إطلاق موافقته على العودة رئيساً للوزراء لذلك إن كان البرهان ينوي إنقلاباً لكان قد أكمل إعتقال حمدوك ولكان قد عين رئيساً للوزراء وأعلن تشكيلة من حكومة كفاءات وأنهى الأمر على ذلك النحو ولكنه لم يفعل، ولا تحسبوا أيها السادة أن البرهان مضغوط من دول عظمى كما تدعي تلك الدول ولكن الحقيقة أن تلك الدول كانت قد باركت الخطوة تماماً ولكن ما تطلقه من تصريحات لا يخرج عن إطار الشعارات الزائفة، وإلا فدعونا نعقد مقارنةً لتقريب الفكرة فعندما خرج المتظاهرون في تظاهرات لاسقاط حكم البشير وعقب كل حالة قتل أو إصابة لأي من الثوار كانت الدول تخرج بيانات الإدانة بياناً تلو البيان وتدين استخدام العنف وتخرج منظمات الأمم المتحدة وتطالب بوقف العنف ووو ولكن الآن كما ترون ترتفع حصيلة قتلى المظاهرات وإصابات الثوار ولا أحد من تلك الدول المخادعة يطلق بياناً واحداً يدين فيه أو يشجب أو يستنكر أو حتى مجرد نعي، وتضيع أرواح الثوار ولا بيانات أو إدانات دولية .حمدوك ظل يمارس الشد والجذب ما بين الرفض كلما تذكر رفاقه الذين زج بهم البرهان في المعتقلات وما بين موافقته للعودة إلى منصبه وتولي مهامه وفوق كل ذلك هو لا يدري أن تذبذبه ذلك كبد الشباب خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات وتسبب في خروج الآلاف وإشاعة الفوضى وعدم الأمن وتتريس الطرقات علماً بأنه كان بإمكانه إحتواء المواقف منذ البداية .أأمل ان لا ينكر هؤلاء الرجال المحيطون بحمدوك قصة مباركته لإجراءات البرهان حتى لا نضطر ونذكرهم بالزيارات التي كان يقوم بها البرهان لحمدوك والتي أعلن عنها البرهان نفسه حينما قال في المؤتمر الصحفي (حمدوك بصحة جيدة وقاعد معاي في بيتي ودون أي قيود وأنا قبيل كنت قاعد أتونس معاهو)، المعية هنا تفيد الإتفاق والتعاون والمباركة بطريقة إيحائية لذوي العقول فقط ولا عزاء للأغبياء.