من يقف خلف أول مصفاة نفط في أوغندا؟ استثمارات إماراتية أم أذرع خفية؟
ترجمة – الراي السوداني
في تطوّر وُصف بأنه مفصلي في مسار الطاقة بشرق إفريقيا، بدأت الإمارات الاستثمار في بناء أول مصفاة لتكرير النفط الخام في أوغندا، بعد تأخر طويل طال مشروع “مصفاة هوِيما” الواقعة في كابالي بمنطقة هويما غرب البلاد.
المشروع الذي طال انتظاره، يُمثّل حجر الزاوية في خطة أوغندية طموحة لتقليل الاعتماد على المنتجات البترولية المستوردة، وتلبية الطلب المتزايد محليًا وإقليميًا، خاصة في ظل وجود احتياطات نفطية ضخمة مكتشفة حديثًا على ضفاف بحيرة ألبرت.
مصفاة هوِيما تنطلق بعد تعثر طويل
المشروع الذي ظلّ حبيس الأدراج لأكثر من عقد، دخل الآن مرحلة التنفيذ بتمويل رئيسي من دولة الإمارات، يقوده الشيخ محمد بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، وهو شخصية توصف بأنها “عضو صغير” في العائلة الحاكمة في دبي، ويبلغ من العمر 41 عامًا. يترأس محمد مجموعة MBM، وهي الشركة الأم لشركة Alpha MBM التي تقود هذا المشروع الضخم، إلى جانب ترؤسه لمجموعة East Africa Investment Group، وشركة Thumbay للرعاية الصحية.
هذا الدخول الإماراتي المباشر إلى مشهد الطاقة في أوغندا، لا يُعتبر فقط خطوة اقتصادية، بل يحمل في طيّاته أبعادًا استراتيجية تتقاطع مع التنافس الإقليمي والدولي المتزايد على موارد إفريقيا.
شبكة استثمارات إماراتية تتوسع في إفريقيا
لكن محمد بن مكتوم ليس وحده في هذا الميدان. فبحسب ما أوردته نشرة Africa Confidential، فإن ابن مكتوم يتحرك بالتنسيق مع شخصيات نافذة من العائلة الحاكمة في دبي وأبو ظبي، على رأسهم الشيخ طحنون بن زايد، مستشار الأمن الوطني في الإمارات، وأحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في منظومة المال والأعمال في الخليج. الشيخ طحنون يترأس مجموعة IHC، والتي تشير التقارير إلى مشاركتها أيضًا في تمويل المصفاة، إلى جانب استثمارات أخرى في قطاعات متعددة بالقارة السمراء، منها مشاريع ضخمة في الزراعة بالسودان واستثمارات في النحاس في زامبيا خلال العام الماضي.
وجود طحنون، المعروف بثقله الاقتصادي والسياسي، عزز الاعتقاد بأن مشروع المصفاة الأوغندية يتجاوز قدرات محمد بن مكتوم المحدودة، ويرتبط فعليًا بجهات سيادية عليا تسعى إلى ترسيخ موطئ قدم استراتيجي في شرق إفريقيا.
تكهنات حول الجهة الفعلية وراء المشروع
مراقبون أشاروا إلى أن مكانة محمد بن مكتوم المتواضعة داخل العائلة الحاكمة، ومحدودية سجله في مشاريع ضخمة مماثلة، تجعله واجهة محتملة لمصالح إماراتية أوسع، وقد يكون دوره في المشروع شكليًا أو تمويهيًا، فيما تدير أطراف أكبر – وعلى رأسها طحنون بن زايد ومجموعة IHC – خيوط المشروع من الخلف.
وفي السياق ذاته، يُشار إلى أن الشيخ محمد بن مكتوم تزامن إعلانه عن دخول مشروع المصفاة مع استثماره في شركة إماراتية تُدعى Venom Blockchain، والتي تهدف إلى إطلاق عملات رقمية في إفريقيا، لا سيما في أوغندا، الصومال، وجمهورية أفريقيا الوسطى، في دلالة على توجه إماراتي متعدد الأوجه للتغلغل في البنية الاقتصادية والتكنولوجية للقارة.
خارطة استثمارية واسعة لعائلة آل مكتوم
الشيخ محمد ليس الوحيد من أبناء العائلة الحاكمة في دبي المنخرط في إفريقيا. ابن عمّه، الشيخ أحمد دلموك جمعة آل مكتوم، ينشط بدوره في مشاريع حيوية، منها محطة طاقة تعمل بالغاز في غانا، بالإضافة إلى دخوله في صفقات مثيرة للجدل لشراء أرصدة كربونية عبر شركته Blue Carbon، وهي الصفقات التي واجه بعضها انتقادات من جهات بيئية وحقوقية، بحسب نشرة Gulf States Newsletter.
هذا التوسع الإماراتي في إفريقيا يُترجم من خلال عدة أدوات: من الطاقة إلى الزراعة، ومن العملات الرقمية إلى أرصدة الكربون، في مشهد يعكس عمق الطموحات الخليجية – وتحديدًا الإماراتية – للسيطرة على مفاصل جديدة من النفوذ الجيو-اقتصادي في القارة.