فى خانة المواطنة التى ترى أن واجب الدولة إناخة أسباب الراحة عند اقدامنا لركوبها ، لتعالى فرضية أن هذا دور الدولة ،التى يجب أن تسعى لاسعادنا وتوفير أسباب الرفاهية فى كل الأحوال ، ولا نقيم هنا وزنا لما يحيط بالدولة من ظروف واوضاع قد نعلم ظاهرها ونغيب أنفسنا عن الغوص فيما دون الظاهر ، وبهذا نوزع النعوت هنا وهناك من شاكلة الضعف ، والفشل ، والتردد ، والوهن ، …. الخ .
وهذه المنطلقات جعلتنا ننتظر من الجيش حسم معركة دولية ضد وجود الدولة السودانية فى أيام معدودات ، نجهل فى ذلك حجم المؤامرة ، وامكانياتها المادية والبشرية ،ومستويات امداداتها والغطاء الدولى الذى يقف خلفها .
وهذا ما جعلنا نقع فى براثن إعلام الضلال الذى سارع لتصوير المشهد فى لحظاته الأولى بأنه اقتتال بين الدعم السريع والجيش ، وهذا ما خلق الصورة الذهنية التى اريد من خلالها، تصوير الجيش السودانى بالضعف وعدم المقدرة على مواجهة الدعم السريع ، وقد نجحت الآلة الاعلامية الاستعمارية فى ذلك ، مما جعل أصوات تعلو وتهبط بعدم الثقة فى مقدرة الجيش ،والتزامه مواقعه ، وعدم خروجه للمليشا فى (الصقيعة ) .
إلا أن الجيش ومن خلفه هيئة العمليات وجهاز الأمن والشرطة وكتائب المجاهدين والمستنفرين، كانوا يعملون وفقا لاستراتيجية عسكرية لا تعرف العاطفة بقدر ما انها تنظر لتقديرات الموقف ، ولا تضع قدما قبل تحسس موقعها ، ما كانت تنهار معنوياتهم كالمواطن حينما تسقط الاستراتيجية او اليرموك او الاحتياطي المركزى ، أو الحاميات، لأن كل ذلك كان جزءا من المعركة ، والتى لو دفعت فيها القوات المسلحة منذ ساعاتها الأولى بقواتها للصدام المباشر هجوما ،لكان السودان اليوم موطنا لعرب الشتات ومستمرة جديدة .
سير المعارك اثبت ان الجيش السودانى مفخرة وعز قائم بذاته ، بما قام به فى هذه المعركة من كسر عظم المليشيا وقصقصة أطرافها و شل مقدراتها البشرية والمادية ، والتحول بعد ذلك من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم ، وهو مرحلة التشطيب النهائي.
رغم كل ما خلفته هذه الحرب من جراحات على المستوى العام والخاص ، الا انها ستظل قلادة شرف على صدر كل أبناء القوات المسلحة الشرفاء الذين ضحوا وقاتلوا ودافعوا عن هذا الشعب ومن خلفهم القوات النظامية والمستنفرين ، وعموم شعب السودان وحتما سينتصر السودان وأهله فى هذه الحرب الوجودية، ليتشكل واقع جديد لا مكان فيه لخائن او مرتزق او عميل.