ما بين العدالة المناخية وحقوق الإنسان
د. الفاتح يس
alfatihyassen@gmail.com
لا شك أن العدالة المناخية تعد مزيجًا بين حقوق الإنسان وتغير المناخ، حيث تهدف في المقام الأول إلى حماية حقوق الإنسان التي قد تتأثر من جراء التغيرات المناخية، ولذا فإن العدالة المناخية تعد أفضل وسيلة لتحقيق توزيع عادل في الموارد والأعباء والتکاليف والمسؤوليات بين الدول المتقدمة الصناعية والدول الفقيرة.
ويُقصد بتغير المناخ التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. ويمكن أن تكون هذه التحولات طبيعية، ولكن منذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية هي المسبب الرئيسي لتغير المناخ. ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري (مثل الفحم والنفط والغاز) الذي ينتج غازات تحتبس الحرارة.
أسباب تغير المناخ ناتجة من حرق الوقود الأحفوري، وتصنيع البضائع والمنتجات والمواد الكيميائية الخطرة والغير صديقة للبيئة، وإستنذاف الموارد الطبيعية، والقطع الجائر للغابات، والصيد الجائر للحيوانات، وإنتاج الغذاء بإستخدام السماد الكيميائي والمبيدات الحشرية الكيميائية.
ويؤدي تغير المناخ الي حدوث الجفاف وإختلال في النظم البيئية والحيوية، وتعطل النظم الغذائية (نقص الغذاء)، وتلوث للمياه والتربة والغذاء والهواء وإنتشار الأمراض والكوارث الطبيعية، وارتفاع مستويات سطح البحر، والفيضانات، وموجات الحر، والجفاف، والتصحر، ونقص المياه، وانتشار الأمراض الاستوائية والأمراض المنقولة والأمراض النفسية. وكل هذه التغيرات المناخية تؤثر بالفعل على صحة الإنسان وبالتالي تقلل او تمنع من حصولة على الغذاء الكافي والدواء والمسكن الصحي المريح ومن ثم التعليم، ومن ممارسة حياته بصورة صحية ومستقرة، وأيضاً يؤدي تغير المناخ الي الحروب والصراعات القبلية والسياسية علي الموارد والغذاء والطاقة، وظهور التهميش وإنتشار النزوح والهجرة وزيادة عدد الوفيات.
ولكي نحافظ على حقوق الإنسان لابد من مجابهة والتصدي لهذه التغيرات المناخية، وإنقاذ كوكب الأرض بإتباع نظم الزراعة المستدامة، والحفاظ على المياه؛ بإقامة مشروعات حصاد المياه، وإتباع سياسة إعادة الاستخدام والتدوير وإعادة الاسترجاع،
وتناول الأطعمة الموسمية الطبيعية، وترشيد الطاقة ومنع إستخدام الوقود الأحفوري وإستخدام الطاقات المتجددة.
وواجبنا تجاه هذه الكرة الأرضية يتمثل في الحد من استخدام المواد الخطرة، والنفايات الصفرية، وتطبيق الضوابط الإدارية البيئية المستدامة، والعدالة البيئية.
ولن نكون متشائمين من هذا التغيرالمناخي؛ الذي من إيجابياته
سيؤدي الانتقال إلى اقتصاد أخضر صافي صفري النفايات، وتوفير وظائف جديدة أكثر أماناً وأفضل للصحة من الوظائف التي كانت في عصر صناعة الوقود الأحفوري، وعلي حسب تقرير منظمة العمل الدولية أن العمل المناخي، مع التركيز على قطاع الطاقات المتجددة والتحول الرقمي والإقتصاد الأخضر، يمكن أن يولد ملايين الوظائف الجديدة بحلول عام 2030.
د. الفاتح يس
أستاذ وباحث في قضايا البيئة والتنمية المستدامة