ليس لدى شك أبدا في أن الثغرة الكبيرة التى فتحت في جدار الأمن الداخلي اليوم بسبب تحجيم دور جهاز المخابرات العامة بعد التغيير الكبير في البلاد عقب ثورة أبريل 2019م ولقد بدأ هذا التحجيم بحل قوة هيئة العمليات التابعة للجهاز والتى أعدت خصيصا لحرب المدن وشمل التحجيم تعطيل الكثير من سلطات وصلاحيات المخابرات حتى انتهى دورها لما يشبه دور مراكز المعلومات والتى تقوم فقط بجمع المعلومات وتحليلها ورفعها للجهاز التنفيذي وحدث هذا في الوقت الذي تحكم فيه أجهزة المخابرات كل العالم وتتحكم فيه من الشمال للجنوب ومن المشرق للمغرب حيث ان المخابرات هي الحكومات الحقيقية للدول !
في الماضي القريب كان لدينا أحد أقوى أجهزة المخابرات في الإقليم الذي يشمل المنطقتين العربية والأفريقية ويعد مع ذلك من أميز الأجهزة الدولية وذلك بعد التأسيس الجيد له في عهد الرئيس جعفر نميري بإسم جهاز أمن الدولة ولقد وقعت سلطات ما بعد انتفاضة أبريل 1985م في خطأ قاتل عندما قامت بحل ذلك الجهاز وهو الخطأ الذى لم تقع فيه سلطات ما بعد ثورة 2019م وإن وقعت فيما دونه من( قصصة )للجهاز وتحجيم لدوره
لا أحد يبرئ جهاز الأمن في الماضي البعيد او القريب من أخطاء كبيرة وقع فيها بعض منسوبيه ولكنها من شاكلة الأخطاء التى يجب محاكمة الأفراد عليها تحقيقا للعدالة دون إضعاف الجهاز والذي يتسبب بدوره في فتح الثغرات الأمنية الكبيرة في جدار الأمن الوطنى مثلما هو حادث اليوم وبدليل كبير وشواهد كثيرة على تغييب الكثير من سلطات وصلاحيات جهاز المخابرات العامة
من المؤكد ان الجهاز على ما هو عليه يؤدي عمله اليوم وفق الدور المرسوم له ومن المؤكد انه لا يزال يضم كفاءات كبيرة من الرجال والنساء من أصحاب الولاءات الوطنية الخالصة ومن حملة الكفاءات المهنية والخبرات التراكمية في العمل الأمني ولكن في ظل التحديات المتعاظمة والمهددات الكبيرة التى تحيط بالبلد خاصة تفجر الأوضاع في إقليم النيل الأزرق وولاية كسلا وقبلها أحداث دارفور في ظل هذه الأوضاع والمهددات فإن الحاجة ملحة لإعادة الدور المطلوب من الجهاز في مثل هذه الظروف مع حفظ العدالة والقانون الذي يتساوى امامه ضباطه وأفراده مع عامة الناس
لقد سارع جهاز المخابرات العامة تحت ظل قيادته الحالية بتقديم مبادرة وطنية للإسهام في حلحلة إشكالات الواقع المرير وأحسب أن الجهاز بحكم مهامه وإلمامه بالواقع السوداني هو الأقدر على الإسهام في تقديم الحلول وهو الأكثر حرصا على أمن وسلامة البلد خاصة ان ما أخذنا في الإعتبار التقاطعات الإقليمية والدولية في الشأن الوطنى والتى لا تخلو من أجندات تتعارض مع أجندات الوطن