مقالات

ليس المهم ما قاله منصور ارباب يونس بل المهم ما يفعله منصور

بقلم منعم سليمان عطرون
الرفيق منصور أرباب يونس أحد أهم كوادر الثورة وله عطاء في الميدان السياسي والعسكري خلال السنوات ال12 الماضية.

منصور ينتمي لمجموعات محاربي الجبال فهو قائد سياسي في الكوكبة التي أطلقت شرارة الثورة الأولى في جبال اتشجامرا غرب هبيلة كجقسكي على مقربة من كرندق و دارجيل ودروتي حيث يرقد الآلاف الأبطال. في ملاحم التاريخ الإنساني الوطني بداية القرن العشرين. هم الأكثر اخلاصا للشعب وحبا لتراب الوطن والاشجع.
كان شباب هضاب اتشجامرا على تواصل وسابقين مع شباب قولو. قولو حيث إعلان الثورة الحقيقية في 24 فبراير 2003 ف. من شباب اتشجامرا منهم ارباب جمعة و خميس ابكر وخميس شارون و حضرة الصول وصديق مساليت وآدم بازوقا ومصدق وعشي مساليت وزمبور الكبير و آخرين. نشهد انهم ما كانوا يعرفون التميز بين الناس على أساس قبلي. وكانوا أصحاب حق في القتال لأجل حياة و كرامة وتراب شعبهم. وكانوا شجعان وثوريين وصادقين. منهم من رحل باكرا ومنهم ما زال حياىصامدا ومنهم من تحول إلى الداخل. الا أنهم جميعا يسكنهم الثورة وأمل التغيير وحب الشعب.

قاتل منصور أرباب في التحرير الى جانب رفقائه ابو القاسم جيجي وجيجي الصغير هاشم وابو نموشة. ثم أعلن تاسيس حركة في 2005 . ثم انتقل الى صفوف العدل والمساواة. كان في كل تلك المراحل قد ناضل مع رفاقه بنفس الصدق والثورية. غير أن رفاقه ياخذون عليه ” الصورية الشخصية والاستعجال”. آمل أن تكون ال 10 سنوات الماضية على إعلان حركته الأولى من القاهرة كافية لانضاج الجوانب القيادية في شخصيته.
قرأت البيان التأسيسي لفرع جديد منشق من حركة العدل والمساواة بتوقيع الرفيق منصور أرباب كرئيس له بتاريخ 23 مايو 2015ف.
يحمل هذا الانشقاق الرقم 9 في سلسلة الانشقاقات الكبيرة التي وقعت في صفوف حركة العدل والمساواة وال14 الكبيرة في صفوف حركة تحرير السودان منذ انطلاقتهما في فبراير 2003 ف.
ذكر البيان في الفقرة الثانية بشكل غير مباشر أسباب انشقاق الفرع الجديد وحصرها في الأداء غير المرضي لقيادة حركة العدل والمساواة على الصعيد الميداني والسياسي.

يشكر لمنصور أرباب ومجموعته تعففهم فوق وحل الاساءات وكيل التهم التي كانت تغطي غالب بيانات الرفاق المنشقين عن رفاقهم سرعان ما يقعون هم فيها. الا ان هذا يدلل على درجة من النضج الثوري على المستوى النظري. غير ان توقيت الإعلان وزمنه يطعنان في الثورة. فقد جاءت عقب خسارة الحركة لمعركة ابدنقو لصالح مليشيات النظام. وهي لحظة تتطلب من جميع أعضاء الحركة التماسك والتضامن خلف قيادتهم. والخسارة هي مسؤولية تضامنية مشتركة للاعضاء الحركة جميعا كما أن الإنتصار اذ حدث كان سيكون أيضا مسؤولية تضامنية مشتركة للأعضاء من الرئيس الأدنى عضو.
وهل سينجو الفرع الحديث من ذات الأخطاء وعثرات قتلت منشقين كثر في الماضي وما عاد لهم وجود، وبقيت حركة العدل والمساواة تحت قيادة مؤسسوها المنحدرون من صلب مؤسس سلطنة الزغاوة السلطان عبدالرحمن فرتي، من فرع الكوبي.

بعد 12 عام من انطلاقة العمل المسلح واستمرار الانشقاقات على خلفية أسباب مفهومة يكون من المؤسف أن يظل الانشقاق والانفصال هي الوسيلة الوحيدة لحل إشكاليات حقيقية في بنية الحركة السياسية المسلحة في السودان. وليس الحوار. هذا في كل الحركات سواء كانت حركة العدل والمساواة أو حركة تحرير السودان.

البنية التنظيمية لأي حركة هي البناء القبلي العشائري وأساليب التعامل مع الاعضاء هي المحاصصة القبلية أو الترغيب أو الايهام أو التضليل هي ذات أساليب دولة الجلابي واحزابها الرديفة. و ينعدم الحوار الداخلي والاحترام المتبادل وهما اهم وسائل التقويم والاصحاح والتقدم في أي عمل جماعي. وتقل الأفكار الجريئة لإحداث إصلاحات حقيقية في لبناء والأداء. وتغيب التعاهد والاتفاق بين الرفاق كنتيجة للحوار الداخلي.

السبب الأساسي في ذلك هي ان فكرة الثورة وأهدافها وموضوعها غير عميقة وناقصة وضعيفة معا أو خاطئة في عقول كثيرين في قيادة الحركات. ف الوعي الإفريقاني وتعريف المشكل على انه دولة الابرتهايد الجلابي كهدف موضوعي للثورة و من اجل المحاربة والتفكيك. وبناء نظام سوداني جديد كغاية أقصى. وتعريف ان النظام بوحشيته هو امتداد لازمة عميقة الجزور. وان الضحايا هم كل اممنا الزنجية. يجسد انتهاك حقوق انسان صارخ. هذه الافكار والمفاهيم الم تتموضع بعد في عقل وخطاب الثائر المسلح القائد أصحاب سلطة إتخاذ القرار. واضحى بنية فكرة الحركات وتنظيمها الاداري هش. وتحمل خطابها الاحداث ما بعد الثورة هو الموضوع أساسي.

لهذا فان غياب الولاء للتنظيم بغياب الفكرة الحقيقية يتم الاستعاضة عنها بعلاقات الدم الروابط الشللية والمحاصصة القبلية و التي سرعان ما تصطدم بالواقع اللاوعي ومصيرها اذن التشظي أو الانقسام في المكون التنظيمي للحركة. ويحمل القسم المنقسم العدوة معه.

الى هنا ليس المهم ما قاله منصور أرباب ومجموعته في البيان بل المهم ما سيفعله منصور أرباب في مقبل الأيام. اي ليس المهم القول النظري في الخطاب المقال أو المنشور بل المهم الفعل العملي في الأرض.
اذ هذا يحدد عمق الفهم والأداء الثوري في ذهن القائد الجديد. واهمها طبيعة علاقته بحركة العدل والمساواة التي ستبقى تحت قيادة الدكتور جبريل إبراهيم.
حركة العدل والمساواة على علاتها المعروفة، ورئيسها بنواقصه وليس من إنسان كامل أو قائد مكتمل وخاصة من يرفض الإصلاح، لكن هما الان في الميدان وضد الخرطوم ويقاتلون لصالح المعركة الوطنية للتغيير وهذا مهم وضروري. أي مهما كانت درجة اختلافنا مع الحركة في فكرة الثورة ونمط التنظيم وشكل إدارة المعركة يبقون هم عمال مهمين في مشروع التغيير الوطني. واحد أهم رساميل الثورة. ولا يخلط بين النقد لأجل الإصلاح وتجويد العمل بضرورية حماية حياة الجسم في اصله وأهمية بقائها، واسهامها في الشأن الثوري العام.

أمام منصور أرباب مهمة اخلاقية ووطنية حملها خطابهم الثوري نفسه وهو أن يستمر في اعتبار الخرطوم : النظام الحاكم، حزب المؤتمر الوطني، والجبهة العربية الإسلامية، ابرتهايد الجلابي العنصرية هو العدو الاكبر و المشترك وأن محاربته بكل الوسائل اللازمة هو صميم النشاط الثوري.

وأن تغيير احوال شعبنا، الأمم الزنجية، شعوب دارفور وبقية السودان، ضحايا التمييز العنصري قبل أن يكونوا ضحايا الإبادة الجماعية هو الموضوع والغاية من الثورة.

وأن وسائل النضال التي انتخبتها الحركة والحركات الأخرى منذ 12 سنة هي المسلحة والتجنيد والحشد لصالح الثورة. وكذالك التأليب والتحريض المحلي و الإقليمي والدولي ضد العدو المشترك، وبناء تحالفات صداقات محلية وإقليمية وعالمية لصالح التحول التاريخي بالبلاد.

وان يدرك أنه ليس وحده العامل في مشروع التغيير. إذ ان هناك العديد من السودانيين بشخوصهم وهيئاتهم ومؤسساتهم أسهموا ويسهمون بافكارهم ونضالاتهم في المشروع الوطني الأخلاقي الإنساني الثوري في السودان . كل الذي ينقصهم هو أنهم لم يتعارفوا ولم يتوحدوا بعد ضد العدو المشترك.

وأن بين تلك الهيئات السودانية العاملة في مشروع التغيير حركة والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم ورفاقه. انهم بالنسبة لمنصور أرباب رفقاء اختلف معهم في الآراء والأفكار وشكل الادارة المعركة ضد العدو إلا أنهم ليسوا أعداء. وليس من الحكمة ولا الثورية ولاىالمنطق ان يصب أي من منصور أرباب وحركته الجديدة او جبريل إبراهيم وحركته جهدهما ونضالهما في معاداة وحرب رفاقهم . بل أن يتطلع كل منهما إلى آفاق ثورية واسعة. وهناك تاريخ مؤسف ومهلك في تجارب احتكام رفاق سابقين للسلاح فيما بينهم أو عاشوا ويعيشون كضرائر تتربص الدوائر ببعضها. ينبغي أن يتعلم الإنسان من تجاربه وتجارب غيره.

وليعمل الكل بحسب طاقته وجهده وفهمه تجاه الهدف والغاية الاسمى، والذي ينجح في تحقيق هزيمة النظام العنصري في الخرطوم، حيث مكان المعركة الأخيرة سيذكره التاريخ كعمل ثوري. الثورة هي أشرف عمل للخير والانسانية. والنصر في المعركة النهائية هو المسعي الوحيد الذي يخلص شعبنا من أزمته الطويلة و قاتله المتوحش ويضمن له العيش بكرامة في أرضه ووطنه، ويكون جدير بحكم نفسه.

منعم سليمان عطرون
مركز دراسات السودان المعاصر

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى