(1)
ظلت الثورات السودانية تعطي قيمها ومثلها النبيلة في شعاراتها وفي ادبها الذي قدمته للناس وشهدت عليه حتى (الجداريات) برسومات تنطق بالفضيلة والسلام والعدالة والسماح الاجتماعي.
اذا راجعنا افرازات هذه الثورات سوف نجد انه ادب له علاقة بالمواقف والقيم السودانية العظمية منذ ثورة اكتوبر مروراً بثورة ابريل وليس انتهاءً بثورة ديسمبر المجيدة.
الجميل في هذه الثورات انها مع هذا الادب قدمت لنا مواقف تضرب في البسالة والشجاعة والكرم والوطنية والتضحية.
هذه المُثل تشربنا عليها من هذه الثورات التى اعادت اكتشافاتنا من جديد بعد ان عملت الحكومات العسكرية والشمولية على تبديل هويتنا وطمس ثقافتنا. وأحدثت تصحّراً وجفافاً في الوجدان السوداني بسبب القمع والبطش الذي مارسته تلك الحكومات.
ثورة ديسمبر المجيدة كانت ترفع شعار (حرية .. سلام وعدالة) وهو امر لم يكن تفعله حتى المجالس التشريعية في الحكومات العسكرية.
رفعت الثورة شعار (كل البلد دارفور) في الوقت الذي كانت تبيد فيه حكومة الانقاذ في اهالي دارفور وتتسبب في هجرتهم ليكونوا لاجئين في بلاد امكانياتها وقدراتها اقل من امكانيات السودان.
الثورة طبقت فعلياً (عندك خت ما عندك شيل) ..حينما كان قادة الانقاذ يلهطون ويلغفون ثروات البلاد وينهبونها ويهربونها للخارج وهم بقسوة مفرطة يطبقون شعارهم الدموي (فلترق كل الدماء).
حتى الشعارات الدينية التى رفعوها على غرار (ما لدنيا قد عملنا) و (ولا للسلطة ولا للجاه) و (وكل شيء لله) كانوا يرفعونها من اجل حصولهم على حصتهم من البنزين ومن اجل التجارة في السكر والاستيلاء على ثروات السودان بصورة غير شرعية.
هذه الثورة التى قدمت الكثير من الشهداء وما زالت تقدم اعطتنا الكثير من الدروس وأرجعت لنا (سودانيتنا) التى فقدناها بعد ان فقدنا (السودان) الوطن الذي تعمل الثورة على اعادته من جديد.
(2)
النظام البائد يريد ان يعود بنفس الجشع والانتهازية التى كانت فيه.
اذا نظرت لركاب القطار الذين قيل انهم يدعمون الجيش والسلطة العسكرية سوف تجد ان وجوههم تطفح بالانتهازية – شيوخ ورجال كبار في السن تعودوا على ان يأكلوا من موائد العسكر لأن مقدراتهم وإمكانياتهم تقصيهم وتبعدهم عندما يكون المعيار هو الحوار وتكون الحرية متاحة للجميع.
هؤلاء لا ينمون إلا في الاجواء (العسكرية) – معلوم ان الطفيليات تنمو وتتكاثر في مثل الاجواء.
لقد نظرت الى وجوههم فقلت ماذا يريد هؤلاء من الحياة وهم يتشبثون بالسلطة على ذلك النحو؟ في الوقت الذي قدم فيه ابناء هذا الوطن وهم في اعمار تتراوح بين (16) عاماً و (25) عاماً ارواحهم وحياتهم من اجل هذا الوطن.
المواقف التى تصنعها الحوافز ويحرّض لها بالموز والوعود اصحابها لا يمكن ان يبنوا هذا الوطن – هؤلاء يريدون ان يبنوا بيوتهم وان يشيدوا صوالينهم التى توقف العمل فيها بعد سقوط نظام الانقاذ.
كل همهم (الوطني) في تركيب المكيّف وتغيير الموبايل.
نحن نعرف ان الفئة الظالمة يمكن ان يكون لها انصار وجماعة تدافع عنها هذا امر معروف منذ الازل لا يغرنكم موكبكم هذا.
انصار يتم الاتفاق معهم على هذه المواكب المصنوعة بمقابل وثمن هم لا يعنيهم الوطن في شيء.
هم اجيرون للسلطة العسكرية..يعملون ببطنهم.
قلنا ان النظام البائد مازال موجود ولهذا كان الاختلاف مع حكومة حمدوك.
(3)
بغم /
كلما تذكرت ان هذه الحكومة يمثلها ويدعمها التوم هجو وبرطم ومناوي وجبريل ابراهيم تذكرت قصة الرجل الذي وجد مجموعة من الناس يقفون على شاطئ النيل وهم يترقبون الامواج وكأن على رؤوسهم الطير فسألهم الرجل متعجباً من حالهم – لماذا يقفون هنا؟ فقالوا لهم ان لديهم (ولد) غرق في النيل.
قال لهم الرجل ومنذ متى حدث ذلك؟
قالوا له منذ اربعة ايام.
انصرف الرجل بعد ان قال لهم (دا بكون مات).
وهو نفس الشيء الذي يمكن ان نقوله عن حكومة الانقلاب بعد اكثر من 3 اشهر من الغرق
وماذا حصل للمائة مليون دولار التي تسترتم عليها حتى فضحتكم الامريكية عندما يئست منكم؟