تقرير: هبة عبيد
في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تظاهرات واسعة تطالب بإخراج الجيش من المشهد السياسي بالبلاد أو حله أو إعادة هيكلته ، يصدر رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان،أمر طوارئ يمنح بموجبه القوات النظامية سلطات القبض على الأشخاص والحجز على الأموال، الأمر الذي أدى إلى إنقسام الآراء بين مؤيد ومعارض للخطوة، ففيما وصفها البعض بأنها قرارات لتقييد الحريات، أعتبرها البعض الآخر حقاً مكفولاً بالقانون لتلك الأجهزة ..
الصلاحيات
ووفقاً لبيان صادر عن المجلس، يمنح الأمر القوات النظامية ومن بينها جهاز المخابرات العامة سلطات إعتقال الأشخاص، والتفتيش، والرقابة على الممتلكات والمنشآت، والحجز على الأموال وغيره، وحظر أو تنظيم حركة الأشخاص، كما نص الأمر على “عدم إتخاذ أية إجراءات في مواجهة أفراد القوات النظامية التي تتولى تنفيذ قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997م المعلن بتاريخ 25 أكتوبر 2021م، وفق المرسوم الدستوري رقم 18″، وأشار إلى أن “مدة الأمر تنتهي بإنتهاء حالة الطوارئ المعلنة في البلاد”، ولفت إلى أن إعادة الصلاحيات القديمة لجهاز المخابرات العامة السوداني، بحسب ما جاء في المادة (50) من قانون الأمن الوطني للعام 2010م القبض والإعتقال والاستجواب والتفتيش.
تجميد
وكان رئيس المجلس العسكري الإنتقالي عبد الفتاح البرهان، قد أجرى تعديلات جزئية في أغسطس من العام الماضي ألحقها، على قانون الأمن الوطني، بمرسوم دستوري، عدل اسم الجهاز ليصبح المخابرات العامة، كما جمد المادة (50) التي تسمح بممارسة سلطتي التفتيش والإعتقال، تماشياً مع روح الثورة عقب الإطاحة بنظام الإنقاذ، ويمنح قانون جهاز المخابرات العامة، المنتسبين له سلطات التفتيش و القبض و الإعتقال وتكون هذه السلطات لكل فرد من أفراد الأمن يحدده المدير بموجب أمر منه أي أن التفتيش يكون بعد الحصول على أمر مكتوب من المدير العام للجهاز.
أمر واقع
ولكن مراقبين يرون بأن مجلس السيادة يتعامل مع الثوار بسياسة الأمر الواقع، وهذا يتناقض مع حديثه السابق بشأن تعاطيه مع روح الثورة لتحقيق الديمقراطية ، ونبهوا إلى أن تلك القرارات مرفوضة جملةً وتفصيلاً من الشعب لجهة أنه يتعارض مع مبادئ الحرية التي يطالب بها الشارع وخرج من أجلها، وأعتبروه خطوةً جديدة لمحاصرة الثورة التي أبت أن تخمد نيرانها المشتعلة قبل أن تحقق الشعارات التي أسقطت بموجبها نظام الإنقاذ، وأوضح البعض أن مهام جهاز الأمن يجب أن تختصر فقط في عملية جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات التنفيذية للتعامل معها، في ذات الأثناء يطالب ناشطون بحل جهاز المخابرات العامة أو إعادة هيكلته ليتماشى مع روح ثورة ديسمبر.
محاصرة
وفي ذات الإتجاه يتحدث المحلل السياسي الرضي العباس أن مجلس السيادة فشل في قمع التظاهرات المستمرة دون توقف ، لذلك لجأ لأساليب النظام البائد المعروفة، وقال العباس في حديثه لـ(الإنتباهة) إن إعادة صلاحيات الإعتقال لجهاز الأمن الغرض منه محاصرة الثورة وإجهاضها من قبل المجلس السيادي،لافتاً إلى أن السيادي يقوم بتنفيذ مخططات خارجية تتنافى مع مصلحة الشعب السوداني، ولكن سوف تظل الثورة مستمرة لحين تحقيق أهدافها والشعارات المرفوعة ولن تركن إلى تلك القرارات.
تشابه الديكتاتورية
ومن جانبه أبدى القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار إعتراضاً على الأمر، وأعتبر أن الديكتاتورية في السودان تتشابه لجهة أن البلاد في حالة طوارئ منذ إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، وقال كرار لـ(الإنتباهة) إن إعادة الصلاحيات لجهاز المخابرات العامة الغرض منه مزيداً من القمع والضغط في مواجهة الثورة، ولكن مثل هذه القرارات لن توقف الثورة لأن الإنقلاب يعتمد على وسائل القمع، وأضاف إذا كان القمع يحد من حركة الجماهير لكان قمعها أيام عهد البشير، وأشار إلى الأنظمة الديكتاتورية تتشابه في عدم إتعاظها بالدروس القوية من الشعب وتابع أن إرادة الشعب لا تقهر، ونبه الى ان قرار إعادة الصلاحيات يوضح بأن الإنقلاب الذي ظهر بلافتة تصحيح الثورة والوثيقة التي حجمت دور جهاز المخابرات في جمع المعلومات أرجع ذات الأجهزة الأمنية منذ العهد البائد، وقطع بأن مصير البشير المخلوع سوف يكون مصير البرهان المخلوع بعد حين.
أمر استثنائي
إلا أن الخبير الأمني اللواء عبد الرحمن أرباب مرسال دافع عن تلك القرارات بحجة أن أمر الطوارئ عندما يتم تطبيقه في أي بلد يعني أن هناك أمراً استثنائياً يحدث خاصةً في النواحي الأمنية، وقال بالتالي يحق لتلك الجهة التي أصدرت القرار بتطبيق قانون الطوارئ أن تتخذ كافة الإجراءات التي تكفل لها الحفاظ على الأمن والاستقرار ومعالجة المشكلة التي كانت سبباً في إصدار القرار، وأكد الأرباب لـ (الإنتباهة) أن ما يحدث من خلال الطوارئ هو عمل استثنائي لا يدوم وتفرضه الظروف وينتهي بنهاية أمر الطوارئ، وأما التفويض لجهاز الأمن مؤقت الغرض منه مكافحة الجريمة واستتباب الأمن وبعد ذلك يعود الجهاز لقانونه السابق ويعطل الطوارئ، وأكد بأنه شيء طبيعي وضع في العالم كله للأشياء غير الطبيعية وتحتاج إلى إتخاذ قرارات، ولكن في حال الإفراط في استخدام القوة من الجهة الأمنية يحق للجهة الأخرى أن تلجأ للقضاء لمحاكمتها