مقالات

ياسر الفادني يكتب.. ضربت أقول صباح الخير…

الراى السودانى

من أعلي المنصة

ياسر الفادني

ضربت أقول صباح الخير…..

منذ أن حل هذا العام كل فترة تمر منه نفارق أعلاما ورموز اثروا الحياة السودانية في شتي ضروبها السياسية والثقافية والفنية ، بالامس ودعنا واحدا من شعراء الأغنية وواحدا من اعمدة الفن والكتابة الراقية ، دكتور علي شبيكة الذي كان يصنع ويبيع الدواء ويصنع الكلم الجميل والمفردة الأنيقة التي تحلقت في عوالم الجمال ولا زالت محلقة متالقة ، علي شبيكة قرض الشعر الغنائي منذ أن كان طالبا في كلية الصيدلة بالجامعة الأمريكية ببيروت ، وقال اول قصيدة في حياته في حفل تخريج دفعة تسبقه والجدير بالذكر أن هذه القصيدة نشرت في جريدة الحياة اللندنية آنذاك ، اتسم شعره بأسلوب السهل الممتنع ، و الإيقاع المحكم، السبر في أغوار المفردة العامية ، والتحدث جمالا، وقمر كلمات يشع نورا ويوجه بثه ويرسل إشارته بدقة متناهية لتمس القلب مباشرة وتلاطفه وتدغدغه حبا وتطريبا …

دﻛﺘﻮﺭ ﻋﻠﻲ ﺷﺒﻴﻜﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﺮﺻﺎﻧﺔ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ له طريقة مثلي وحصرية يتمتع بها ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﻋﻠﻲ ﺍﻻﻭﺗﺎﺭ ، ولعل ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻏﻨﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ اتخذتها عنوانا لهذا المقال ﺑﺪﺍﺕ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺿﺮﺑﺖ… ﻭ ﻟﻜﻦ ماذا ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﻪ؟ ﻳﺘﺮﻛﻚ في علامة استفهام و ﻓﻲ ﺫﻫﻮﻝ ﻓﺘﺘﻤﻨﻲ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺍﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻴﻮﻁ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﺗﺴﺮﺑﻠﺖ ﺍﻟﻲ ﻓﺆﺍﺩﻙ ، ﺍﻛﺘﻤﻠﺖ ﺭﻭﻋﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺐ ﺍﻻﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﺎﺭ ﺻﻼﺡ ﻣﺼﻄﻔﻲ والتي قال فيها:

ﺿﺮﺑﺖ ﺍﻗﻮﻝ ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﻭ ﺍﺷﻮﻓﻚ ﻛﻴﻔﻦ ﺍﺻﺒﺤﺖ
ﻭﺍﺷﻮﻓﻚ ﻋﻨﻴﺔ ﻭﻻ ﻧﺴﻴﺖ
ﻣﻌﺎﻱ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻻﻣﻦ ﺭﺣﺖ
هنا نجد الفعل ضربت… ونجد مبرر للضرب واشوفك كيفن اصبحت ؟ وهدف من الفعل من أجل المعرفة والاطمئنان، واصرار علي الفعل اشوفك عنية ولا نسيت وخلاصة راقية للفعل ….معاي الشوق لامن رحت ، وهو اسلوب فني تسلسلي عجيب فيه البداية والتتبع والوصول إلي المبتغي …

د.علي شبيكة صوفي منذ النشأة واتضح ذلك في كتابته حينما أهدي الفنان صلاح مصطفي قصيدة،(لبيك الله) واهدي مدحة (يانبي) إلي ثنائي العاصمة والتي بث فيها حبه للحبيب المصطفي وعبر عن شوقه وتمنيه لزيارة قبره الشريف والقصيدة فيها الوله الشديد والعشق الفريد المتزايد و العيون الباكية شوقا ، ولعل مكانه في حي الهاشماب بامدرمان كان ملهما في تصوفه ،إذن هو الصوفي المعذب ،وهو درويش راقي ، وهو واحد من رواد حلقات الذكر والمديح ….

هذا الشاعر الرقم تغني له عدد كبير من نجوم الغناء أبرزهم الفنان صلاح مصطفي (ياروابينا ) … و ثنائي العاصمة( لما ترجع بالسلامة) وسيد خليفة ( كلمني) ومحمد ميرغني( شفتك و ابتهجت وين ياغالي انت) وتومات ودمدني وآخرين….

ضربنا نقول لمبدعنا د. علي شبيكة : صباح الخير و نشوفك كيفن أصبحت؟… لكن لم يرد علينا بصباح النور…… لأنه فارق الحياة.. ، فارق دنيانا التي ملأها مفردات جزلة….. ملأها ألقا من جمان ، عطرنا بعطر قوي وثابت من تفرد وتميز وإبداع عجيب ، رحل الكاتب ورحل الشاعر ورحل الفنان ورحل الرسام ورحل الصوفي الصادق ، نسأل الله له القبول والأجر وحسن الثواب وأن يسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون…

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى