الراى السودانى
(1 )
قصدنا القول في الحلقتين السابقتين أن الدكتور عبد الله حمدوك ولم يكن مفتقراً للكفاءة الذاتية أو مطلوبات رجل الدولة ولكنه كان أسير ظروفه أي الظرف الذي أتى به والظروف التي عمل فيها كانت هي الأقوى وهي التي جعلت منجزه دون المطلوب وما أنجزه غير محسوس ولعل المفارقة أن أكبر إنجازاته والتي كانت في الجبهة الخارجية كانت ومازالت من أوضح ما يكون ولكنها لم تنعكس على الجبهة الداخلية لمكر أولئك القوم الذين كانوا ممسكين بخناق السودان فهاهي بريطانيا التي ادعت الأبوة الروحية للثورة (السفير عرفان) ودفعت تسيير مكتب حمدوك تخفض تمثيلها من سفير إلى قائم بالأعمال أسوة بالولايات المتحدة وهذا للمزيد من الضغط . ولأن الجبهة الداخلية أعجز ما تكون عن تحويل تلك الفتوحات الخارجية إلى فوائد يقتاتها الشعب لذلك ازدادت الأوضاع سوءًا خاصة فيما يتعلق بمعاش الناس الضروري، حتى سلام جوبا تحول إلى بعبع وهذا بسبب المعارضة المزدوجة ، المعارضة الراجعة للنظام السابق والمعارضة التي تبلورت بعد الثورة فأصبحت حكومة حمدوك معزولة داخلياً وخاضعة للابتزاز خارجيا فعوضا عن ان تتسابق القوى الاقليمية لشراء مواقف السودان ارض الثورة المجيدة اصبحت تحمل كرباجها وتتآمر عليه هذا بواسطة عملائها الذين اخترقت بهم جبهة الحكم.
(2 )
أمام البلاد طريقان الاول هو ان تلوك الصبر وتكمل المؤسسات العدلية والتشريعية وتحرر سياسة اقتصادية جديدة ولكن هذا يتطلب ان يكون هناك ضوء في آخر النفق لينتظر الناس اقترابه واكتماله والخيار الثاني أن يتغير الوضع السياسي وهذا يعني تغيير الصيغة السياسية الحاكمة او حل الحكومة بشقيها السيادي والوزاري او اعادة تشكيل الحكومة وهذا الخيار الثاني لخصه البعض في ذهاب حمدوك اليوم قبل الغد ولكن في تقديري ان ذهاب حمدوك في هذة اللحظة سيكون مغامرة كبيرة لن تستطع البلاد تحملها لاسباب ذاتية وموضوعية اما الذاتية فهي ما افضنا فيه في هذة المقالات وهو ان حمدوك ليس سببا في التردي الماثل بل هو اول ضحاياه بمعنى ان الظروف الموضوعية التي يعمل فيها هي السبب اما من ناحية موضوعية فان استقالة او ابعاد حمدوك او اي تغيير للصيغة العسكرية المدنية الحالية سوف ينتج عنها شرخ تدخل منه كل دوائر الشر المحيطة بالبلاد هذا اذا لم نقل المتربصة فالبلاد في كف عفريت تضج بالاجندة المتقاطعة.
(3 )
في تقديري ان الحل في بقاء حمدوك والصيغة الحالية فقد اصبحا (الجن البنعرفه) وان شئت قل خيار ام خير ، شريطة العودة لمنصة التاسيس الاولى وهذا يبدا باعادة تعريف الفترة الانتقالية وحصرها في المهام المعروفة للفترات الانتقالية وهي نقل البلاد من حكم شمولي الي حكم ديمقراطي بانتخابات حرة نزيهة لافيها شق وطق ثانيا جعل حل الازمة الاقتصادية هي المهمة الاولى والرئيسية للفترة الانتقالية فالاقتصاد هو الذي سوف ياتي بالسلام والامن والاستقرار ثالثا حل الحكومة الحالية وتكليف حمدوك بتشكيل حكومة كفاءات وطنية حقيقية غير متحزبة ولتنصرف الاحزاب لبناء نفسها والاستعداد للانتخابات القادمة فالاستعداد للانتخابات كفيل بتقويم الاحزاب واصلاحها رابعا والاهم وضع قانون انتخابات غير تقيليدي قانون انتخابات يقضي على الجهوية والعنصرية والطائفية اي يقوم على التمثيل النسبي حتى لاتعود دائرة الفشل مرة اخرى رابعا اصلاح اوضاع القوات النظامية وتوحيد الجيش لتقوم بالدور المهني المناط بها ولتكون حاميا للحكم الدستوري المدني المرتقب . هذا اذا كان ثمة .