الراى السودانى
من حق القائد مناوي أن يصبح حاكما لدارفور أو رئيسا للسودان كما ظل يقول بإنه سيأتي القصر حاكما وتلك أحلامه وتطلعاته وطموحاته ، وأعتقد إنها مشروعة ولا غبار عليها ، ولكنها يجب أن تكون وفقا للضوابط والمطلوبات التي نص عليها القانون والإتفاق مادام إرتضينا جميعا التفاوض والحوار بدلا عن البندقية يعني (خرخرة ثاني مافي) ، ولكن لم أجد وصف أبلغ لقرار رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك تعيين مناوي حاكما لإقليم دارفور هكذا تحت هذه الظروف ، أبلغ من (عمدة بلا أطيان) !.
وأعتقد صيغة القرار بهذه الطريقة التي صدرت من قبل الدكتور حمدوك فيه منقصة للقائد مني آركو مناوي بصفته كان يشغل في السابق منصب (كبير مساعدي رئيس الجمهورية) ، وقد رفض الرجل المنصب متمردا بحجة ضعف الصلاحيات ، إذا لماذا عاد الرجل بعد كل المعارك الدموية ليقبل بهذا المنصب الوهمي (حبال بلا بقر) دون أدنى صلاحيات وبدون قانون ؟!.
حتي الآن لا وجود ل(إقليم دارفور) قانونيا ولا علي الورق أو الطبيعة وبالتالي لا وجود لأطيان ، فلازال أمر الإقليم قيد نتائج البحث بالورش والمؤتمرات وأضابير الإجتماعات وتلك جميعها مرهونة ب(قانون الحكم الإتحادي) المتوقع عقب مؤتمر الحكم والإدارة ، فلا زال القانون الفاعل ينص على ولاة لازالوا يمارسون سلطاتهم في (18) ولاية محددة بحدودها وطبيعتها وكينونتها وبوصف وميزانية وصلاحيات ، وبالتالي تظل الولايات قائمة حتي يقول أهاليها كلمتهم في مؤتمر الحكم المعني .
ولكن ماهو الموقف إذا تعارضت مخرجات المؤتمر مع بنود إتفاقية السلام جوبا ؟!، بالطبع حسب النص فإن مسار دارفور قد حسم الأمر إقليم ، ولكن مطلوبات الواقع وكافة التوقعات تشير إلي رفض معظم الولايات في دارفور تذويب ولاياتهم لتصبح ضمن الإقليم الواحد ، والمعروف أن إتفاقية الدوحة للسلام وهي أيضا إستحقاق دستوري قد أقرت إستفتاء أهالي دارفور بشأن الإقليم وقد قالوا كلمتهم وفاز مقترح الولايات في مقابل الإقليم كما هي الآن ، مع العلم بأن هذا أيضا إتفاق وقد أصبحت هذه المعطيات في يد أهل دارفور ومن حقهم .
في الواقع حتي الآن لم يتم حسم أمر الولايات ولا يمكن أن يتم أي تعديل في قانون الحكم الإتحادي لينص على الأقاليم وأسماءها وحدودها وكيفية تعيين حكامها وسلطاتهم وصلاحياتهم ، وبالتالي أعتقد خطوة تعيين مناوي حاكما لإقليم دارفور خطوة يحفها الغموض وفيه الكثير من التساؤلات والإستفهامات ، وربما جاءت تحت ضغوط وربما مجرد مخارجة لموقف متأزم جاءت به إتفاقية السلام في جوبا والتي حذرنا كثيرا من إنحرافات تطبيقاتها علي أرض الواقع .
ولكن ربما جاءت الخطوة إستجابة لإمتعاض مناوي وإنتقاداته المتواصلة للتأخير الذي لازم تطبيقات السلام لا سيما وقد مرت (8) أشهر منذ توقيع الإتفاق ودخول المحاصصات حيز التنفيذ ومشاركة رفاقه في السلطة ، فالتأخير نفسه يعتبر منقصة لبنود الإتفاق ، وقد تكون الخطوة إرضاء لمناوي الذي ظل يرسل تهديداته من وراء البحار من ألمانيا وما أدراك ما ألمانيا وبريطانيا اللتان صاغتا وتبنتا سلام السودان والذي جاءت بموجبه بعثة السلام الدولية (يونيتامس) ، وربما الرجل بخبرته وتجربته السابقة يعرف تماما من أين تؤكل الكتوف !.
فلا أدري هل تعيين القائد مناوي حاكما يعني للولايات أن الأمر قد حسم وأن المؤتمر المزعوم مجرد مسرحية لا سيما وأن طريقة الدعوات إليه التي رشحت تكشف ماوراءها ، أم سيشهد السودان أنماطا من الحكم والإدارة ، وبالتالي تكمن خطورة ذلك في تفتيت وحدة السودان إلي دويلات وتشليع البلاد (طوبة طوبة) كما يقول عملاء المخابرات وأجندات تقاطعات المصالح الدولية .
أما إن كان أصلا أمر الإقليم محسوما وفق مسار دارفور فلماذا التسويف والتطويل وسواقة الناس بالخلا ؟! ، فلماذا لا يصدر قرارا بإنشاء الإقليم فورا حسب الإتفاق بمرسوم أو قرار أو قانون ومن ثم يتم تعين حاكم الإقليم ؟! أما الوضع الحالى بهذه الصورة فلا يعدو أن يكون القائد مناوي مجرد حاكم إقليم وهمي (عمدة بلا أطيان).
الرادار .. الإثنين الثالث من مايو 2021 .