مقالات

ابراهيم عربي يكتب : (جمعون الإسلاميين) … رسالة إليهم ..!

الراى السودانى

مثلما فرقت بينهم مفاصلة الرابع من رمضان 1999 سياسيا إلي (قصر ومنشية) بسبب تلكم الفتنة وتقاطعات المصالح ، وذهب كل منهم يحاول جر الحركة الإسلامية نحوه ، ظل أناس من الشباب يحافظون عليها متماسكة رغم الإحن والمحن ، ولذلك ليس غريبا أن يأتي هذا الجمعون  الكبير محدود الدعوة في ذات اليوم الرابع من رمضان عقب (22) عاما إحياء لذات ذكري المفاصلة المشؤومة التي فرقت وحدة الحركة الإسلامية لتجمعهم ، لا سيما الشباب الذين تغالبوا علي ذواتهم من أجل أن يظلوا محتفظين بعلاقاتهم البينية في ظل كنكشة كبارهم وشيوخهم .


ولكنها ليست المرة الأولي حيث أثبت شباب الحركة الإسلامية وطنيتهم وأصالتهم من قبل عندما أذن النداء لنجدة هجليج حينما إحتلتها قوات دولة جنوب السودان 2012 بمساعدة نفر من بنو جلدتنا ، فوضع الشباب خلافاتهم جانبا وهبوا لمناطق العمليات فدفعوا بأرواحهم في أكفهم فداء للوطن ، أعادوا بها ذكري التجريدات المتعاقبة نحو مسارح العمليات ، تلكم التي بذل فيها إخوانهم أرواحهم ذكية لأجل قضية آمنوا بها ، رغم أن هؤلاء الشباب قد دفعوا وقتها بمذكرة إصلاحية (الألف أخ) تطالب بإجراء تغيير وإصلاحات داخل الحزب يأتي بحقوق الشباب التي سلبها الكبار ، فكانت تلك نفرة جاءت في الوقت المناسب قوة وفعالية إستعادت بها القوات المسلحة هجليج للوطن مما قابلها مجلس الأمن الدولي الذي تسيطر عليه أمريكا بأجندتها وتقاطعات مصالحها بالقرار الدولي (2046) لمعاقبة السودان .


بلا شك أن إفطار الرابع من رمضان رسالة إليهم متعددة الإتجاهات لا سيما وقد تزامن معه لقاء تلفزيوني بقناة الحدث للرئيس عبد الفتاح البرهان أجاب فيها علي الكثير من الأسئلة المحورية والصعبة ، ولكن لا أعتقد أن الرجل قد تفاجأ بذلكم الجمعون كما لا أعتقد أن تكون القوات النظامية نفسها قد تفاجأت به ! ولكنه بلا شك مفاجأة للقحاتة الذين تشتت شملهم وانشغلوا بأنفسهم يكنزون الذهب والفضة واليورو والدولارات ويمتطون الفارهات ويعلتون المناصب والإمتيازات عن جهل حين غفلة من الزمان  ، وقد طفح الكيل وبلغ السيل الذبى .. إنهم قادمون ياقحاتة ، وبلاشك أن هذا الجمعون ضربة (دبل كك) للجنة التمكين كما قالت في بيانها .


 فالجمعون حركة مجتمع وليس عملا سياسيا ، فإن تفاجأتم بذلك لستم لوحدكم فقد تفاجأ كثيرون غيركم ، إنه تجمع شبابي كبير يغيظ الأعداء ويدخل السرور ويدفع الأمل في قلوب أمة الإسلام وهذا حقهم ، وليس غريبا عليهم ، هم إخوان علي عبد الفتاح وفضل المرجي والمكحل بالشطة وسكران الجنة والبيروني وشهاب برج وإبراهيم والزبير ورفاقهم ، إنهم خيار من خيار ، ولذلك ليس غريبا أن يجتمع هؤلاء في ذات الساحة الخضراء لإحياء سنة كادت أن تندثر بالمكر والكيد ، وبالطبع للمكان معناه ومقصده ، إنه جمعون محدود الدعوة ، ولكنه بلا شك كبير وعظيم المعني ، أعاد به هؤلاء للساحة الخضراء ألقها وبريقها وسيرتها وأهدفها المجتمعية .


الجمعون لشباب الإسلاميين رسالة للذين في قلوبهم مرض ورسالة لكل خائن أو عميل أو متلون أو متخاذل أو مشكك يعتقد أن الحركة الإسلامية قد وأدت !، إنها فكرة والفكرة لم ولن تموت ، لا ياهؤلاء إنها حركة مجتمع نابعة من جذور عميقة وليست سياسية ، فإن كان الحظر قد شمل المؤتمر الوطني كتنظيم سياسي حاكم أطاحت به الثورة والتي أخرجتها قوى اليسار من مسارها (التغيير) إلي إستهداف الإسلاميين (أي كوز ندوسوا دوس) ، رغم أن بعض شباب الإسلاميين أنفسهم كانوا ضمن ركب الثورة لأجل التغيير حيث تنكرت لهم قوى اليسار !.
وأكثر ما جذب الإنتباه في هذا الجمعون الأناشيد الجهادية والملاحم البطولية التي ظل يرددها شباب الإسلاميين هؤلاء ، فأعادت أمجاد معروفة قد مضت ، ضجت بها الساحة الخضراء فأحدث دويا هائلا وسط تجاوب عديد من المارة وزوار الساحة الخضراء الذين جاءوها صدفة للتنزه والإفطار في (ساحة الحرية) كما أسموها ، وقد ألجمت الدهشة بعضهم تماما كما ألجمت الكثيرين بمواقع التواصل الإجتماعي فيما قالتها الناشطة (تبيان توفيق) بكل شجاعة وقد سجلت إعترافا له ما بعده فقالت (إننا قُمنا بثوره لوأد التيار الإسلامي وقد ظلوا لأكثر من عامين مطاردين ومسجونين وبعضهم منفي ومُبعد ، قوم شوهنا صورتهم ، ولكنهم ظهروا بهذا الجمع ، قالت هذا دليل بين بأننا قد فشلنا في قتل روحهم المعنوية) !.


بكل تأكيد لهذا الظهور الكبير ما بعده وإذ يشكل تحديا كبيرا للساحة السياسية ولخصوم الإسلاميين الذين ظنوا بعد الحملة الكبيرة عليهم قبل وأثناء وبعد الثورة أنهم قد قضوا عليهم ، ولن يتجرأ أحد منهم بالظهور من جديد ، في وقت وقع فيه البرهان إتفاقا مع الحلو قادم من خلف البحار علي (العلمانية) مقرا فصل الدين عن الدولة ، فإن الجمعون في هذا التوقيت يتطلب أيضا من الجميع مراجعة الحسابات لأجل وحدة البلاد وإستقرارها ،ويؤكد بلاشك أن الدين مرتكزا أساسيا مثلما ذهب بايدن أمريكا حاجا إلي الكنيسة فإننا سنعتد بالمسجد منارة وأصلا وللكنيسة والمعتقدات الأخري  حقها كاملا ، وإذ يؤكد الجمعون أن الحلو ليس من حقه أن يشترط علي الجميع إما العلمانية أو تقرير المصير فالنحتكم للمؤتمر الدستوري إذا ، بلا شك أن الجمعون في هذا التوقيت قد إستعدل الكفة المايلة وليس المهم أن يدعو هؤلاء لإفطار آخر فإن الرسالة قد وصلت إليهم كاملة رضي من رضي وأبى من أبى! .


الرادار .. السبت 17 أبريل 2021 

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى