مقالات

دكتور هاني أحمد تاج السر بشير يكتب : الدكتاتورية وغياب الانتخابات

الراى السودانى

دكتاتور كلمة نسمعها كثيراً ولكننا لا نتأملها بعمق وبالرجوع الى معجم المعاني والمعجم الوسيط وجدتها تعني ( حاكم فرد مستبد يحصر في نفسه السلطات كلها ويرفض حكم الشورى وهي الانتخابات ) .


لعل هذه الحالة الذهنية المسيطرة على التفكير السوداني والتسلط هو سمة من سمات هذا الشعب وأي فرد فيه متى ما ولى على امر الجماعة اظهر جبروته وسطوته وتسلطه ونصب نفسه الزعيم الاوحد والمفكر الاعظم وصاحب القدرات المنفرد وانه اصبح الوصي على الجماعة الناهي الأمر الذي لا يفعل الاما يرى وهذه المسألة هي من امراض النفوس وعللها وهي من ابرز المظاهر الموجودة في المجتمع السوداني . ويرفض مجرد الحديث عن الانتخابات او الاستعداد لها او الاتفاق على كيفية ادارتها .


الناظر الى الواقع الماثل يجد ان المتسلطين كثروا وعتوا في الارض وانهم يرغبون دوماً في ترسيخ مفاهيم ارداتهم وليس ارداة الغالبية والمضي بارائهم وليس بقواعد الشريعة الأمرة بالشورى الدالة على التفاكر والتباحث ورد الامانة لاهلها لاختيار القوى الامين وفق الاغلبية .


لذلك فإن اى متسلط ودكتاتور عدو الحرية ويفرض سطوته على العوام ويبعد العلماء ويقرب الجهلاء والمنتفعين والمطبلين بالكذب والزور الذين يحاولون تضخيم ذاته ويصنعون منه طاغوت يمشي على رجلين وحكمة الله في خلقه ان هؤلاء دوماً يحاولون اقتيال من ينتقدهم على افعالهم ومن يزهد في ترفيع مقامهم ومن يقدم النصح والحقائق ومن يرسي دعائم الشورى فهو منبوذ وغير مرغوب فيه لان عينه المريضة لا ترى الا المطبلاتيه المادحين بغير حق المصورين له الواقع بانه وردى وان الشعب ينعم في رفاهية وانه راضى بحكمه وتسلطه وفشله الزريع البائن لدى الكافة.


هذا التسلط على الخلق اعظم بلاء على العباد ولن يرفعه الله عنهم الا بالتوبة اليه والاوبه لان هذا التسلط وباء دائم محشو بالفتن ومحاربة للاذكياء الانقاء اصحاب الفكر والرؤية وسيل جارف لهم وصائل لا يرحم وتيار يجرف كل من يقف في مواجهته ويعادى كل من يثير قضية الانتخابات الحرة المباشرة والتي تنتخب من تختاره ارادة الشعب لا ارادة القوة والجبروت .


اما اهل المدح الكاذب فهم جرثومة البلاء في كل المتجمع واس الفتن ماظهر منها ومابطن والسوسة التي تنخر في وجدان المجتمع حتى تجعله فارغاً من كل محتوى فكري ويغرسون في الطغاة الكبرياء والشر والزهو والعجب والشعور بالابهة والعظمة وما اكثر امثال هؤلاء الجبناء الذين يتنعمون ويتركون الشعب للظلام وعدم الوقود والغاز والرغيف والصفوف دون يهتز لهم طرف .


يحتاج المجتمع السوداني الى اشخاص ينكرون ذاتهم ويقدمون التضحيات حتى تسود العدالة وكلمة الحق وما يحفظ كرامته وعزته .


القرآن الكريم اشار الى التعبير بمقاصده الدقيقة وتشريعه السامي وعند النظر الى السنة النبوية الشريفة والاجماع كلها تشير الى تحكيم العقل بالاجلال والتعظيم الى درجة قبول العقل طوعاً لهذه الاحكام .


وان القرآن الكريم لم يكلف الانسان قط بالازعان لشئ فوق العقل بل يحذره وينهاه عن اتباع رأي الاخرين وتقليد اراء السابقين دون التفكير وتمحيص وعدم الانقياد للرؤساء الفاشلين البائسين .


والاسلام دوماً يحفز على اعمال الفكر وعدم فقدان الثقة بالنفس وعدم ترك الارادة للغير لان هذا الامر يمثل فساداً للرأي والعزيمة ويحث على العمل الجاد والمستمر الذي يعود نفعاً على المجتمع.


الدين والاخلاق تمنع الدكتاتور من غرور النفس والانفة عن قبول النصيحة او محاولة الاعتداد بالرأي واتخاذ القرار بشكل احادي ظناً منه أنه يمثل الرأي الصائب السديد والذي لا يحتاج الى الجرح والتعديل وينظر الى من حوله كالغنم دراً وطاعة وكالكلاب تذللاً وتملقاً .


يحتاج المجتمع الى من يصدح بالحق قوياً لان التسلط واستمرار الدكتاتوريه داء عضال تنتج عنه امراض اجتماعية عديدة في كافة مناحي الحياة .


والسؤال الذي يطرح نفسه ولا يجد من يجيب عليه – متى قيام الانتخابات الحرة التي يعبر فيها الشعب السوداني عن ارادته ؟
ام انكم تريدون حكمنا بالقوة والسطوة ؟

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى