الراى السودانى
(1 )
حيا الغمام ذكرى ايام مضت، حيث كنا في سبعينات القرن الماضي شباباغضا نسير على درب من سبقونا ونملأ حناجرنا بالهتاف (لن يحكمنا البنك الدولي ) إذ كانت شعارات الحركة اليسارية العالمية والمحلية هي الزاد لفورة الشباب ولكن في جامعة الخرطوم كان مضافا لها الكتابات العميقة لأساتذتنا مثل البروفسير الراحل محمد هاشم عوض والبروفسير (الجعلي الهمش) علي عبد القادر أطال الله عمره ونفعنا بعلمه الغزير فهذان البروفان لم يتركا للصندوق والبنك الدوليين صفحة يرقد عليها وبكلام علمي ومنطق رصين لقد وصلا حد الاشتباك اللفظي مع القائمين على أمر الصندوق والبنك ,اذ لم يكتفيا من التحذير في تنفيذ روشتة الصندوق، بل قدما البدائل المحلية للتنمية وبكلام علمي وشواهد حية ولكن (المجموعة الدولية ) كانت أقوى وأقدر على تطويع النميري ومن جا بعده.
(2 )
تذكرت تلك الأيام ونحن في السودان هذه الأيام تحديدا منذ يوم الجمعة الماضي نعيش في فرحة لا بل ومعايدة لأن البنك الدولي رضي عنا بعد طول مقاطعة ومعاقبة، فماما أمريكا حياها الله أعطتنا قرضا تجسيريا (حلوة وجديدة تجسيري دي) كي نسلمه للبنك الدولي حتى يفرج لنا عن منحة بذمها لنا شريطة استيفاء دين سابق، فسلمنا البتاع التجسيري للبنك يوم الجمعة فأعطانا البنك المنحة فرددنا لأمريكا بتاعها التجسيري يوم السبت وبقي لنا من منحة البنك الدولي 225 مليون دولار سوف يعطيها لنا (ان شاء الله ناخد بيها حلاوة لكوم) وفوق البيعة ان البنك الدولي سوف يمنحنا بليونين من الدولارات في العامين القادمين لننفقها في مشاريع تنموية بالاتفاق معه (بس إن شاء الله نكون واعين ما تطلع كلها مصروفات ادارية وكسور وبواقي) لكن الأهم ان الطريق انفتح أمامنا لإعفاء الديون والحصول على منح وإعانات وقروض كتيييرة .ان جينا للحق أصلا البنك دولي ود ناس وأياديه البيضاء علينا كبيرة اذ مول خزان الرصيرص ومشروع المناقل الذي تهدر الآن فيه دقاقات القمح ومشاريع أخرى، لكن مشكلة البنك الدولي انه بيأتمر بأمر سيده صندوق النقد الدولي صاحب الروشتة المعروفة والصندوق طبعا ود لذينا بيد أن الأهم هو ان الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لها حق الفيتو في البنك والصندوق، يعني الشغلانه كلها حمدو في بطنو .
(3 )
في تقديري أن الحكومة أحرزت هدفا ذهبيا فيما تم يوم الجمعة والسبت رغم أنها خاضت مباراة صعبة مع شعبها فكلنا يذكر الـ 335 مليون التي أخذت مننا جورا وظلما مقابل جرم لم نرتكبه، ثم جاء رفع الدعم من الوقود والقمح والدواء، واكتمل العقد بتعويم الجنيه السوداني، فقد كانت كلها جراحة بدون بنج ولكن برضو نرجع نقول العبرة بالنتائج، فعالم اليوم محكوم بماما أمريكا ونحن في السودان عرفنا كويس ما معنى ان تعاديك أمريكا لقد (ورتنا الطفا النور منو) , عليه طالما أننا ارتضينا بقدرنا هذا علينا ان نفتح أعيننا قدر الريال أبو مية ونفتش مكامن قوتنا ومواردنا وندمجها بوعي مع القادم الجديد حتى نجني ثمار هذه التبعية الجديدة المفروضة علينا . هناك دول مرت بذات ظروفنا وتجرعت نفس الكأس ولكنها استطاعت وبحكنة أن تعبر وتكسب المباراة رغم تحيز الحكم لأنها لم تتابع معصوبة العينين. فيا حكومة السودان أمضي بحذر وسوقي معك شعبك كله أكرر كله، فالشعب هو الدرقة الوحيدة التي تقي عصا (الماما) الغليظة.