الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
الخرطوم: ميريام عمران
بكرسي متحرك وإبتسامة لا تفارق وجهه استقبلنا محمد عبدو عمار أبو كرم الله ببيته القائم في ضاحية الكلاكلة. أبو كرم يعول 13 فردا من عائلته ولجأ إلى السودان خوفا على حياة أطفاله من شظايا الحرب ومرارتها.
يقول أبو كرم للانتباهة أون لاين: (لم يكن لدي وسيلة أحمي بها أولادي سوى أن أهرب بهم لمكان آمن. كانت رحلة رعب عندما أخذنا القرار وتوجهنا إلى المطار. في كل خطوة كنت أخاف من سقوط قذيفة وخسارة أحد أبنائي حتى عندما ركبنا الطائرة وأقلعت بنا لم أكن أصدق أننا أصبحنا بأمان. هل ابتعدنا عن الحرب؟ هل ابتعدنا عن النيران والاعتقال؟ هل ابتعدنا عن الخوف والدمار؟. وعندما شعرت أن الطائرة أصبحت بالجو فرحت، وقتها فقط شعرت بالأمان وتنفست الصعداء).
يقول أبو كرم: (أصبت بشلل الأطفال عندما كان عمري ستة أشهر ولكن إصابتي لم تمنعني عن الحياة والتعلم بل كان لدي إرادة صلبة وكان لدي والدان بالرغم من أنهما كانا أميان إلا أنهما حرصا على تعليمي. دخلت المدرسة حبوا. لم أكن أملك كرسي أو عكاز أتوكأ عليها ولكن رويدا رويدا حصلت على مكاني في المجتمع. اشتريت كشك خاص بي وهو الذي أصبح ملجأي فيما بعد. كنت أعمل فيه وأدرس، دخلت كلية الهندسة المدنية، كان لدي نشاطات متعددة منها تأسيس مسرح للمعوقين والذي كان يعد أول مسرح للمعوقين في العالم كان الهدف منه انتشال المعاقين من عزلتهم والتنمر الذي كانوا يتعرضون له من المجتمع وأهلهم وأقربائهم).
ويواصل ابو كرم حديثه مع (الانتباهة أون لاين): (جئت إلى السودان لا أعرف فيها أحد والناس أخبروني أنها مجازفة كبيرة ولكنني كنت متفائل جدا وأعلم أن الله معي وما خاب من إستخار. نعم هو تحدي أن يبدأ الإنسان حياته من الصفر ولكني كنت أريد النجاة بأسرتي فأخذت قرار السفر إلى السودان).
عمل أبو كرم كسائق أمجاد وقام بتعديل السيارة المتهالكة إلى سيارة تناسب حالته كأول سيارة في
السودان لذوي الإحتياجات الخاصة.
يقول أبو كرم: (كنت أرى نظرات الإستغراب في عيون الناس عندما يصعدون معي ويرونني أقوم بالقيادة بيدي فيقولون لي أنت معذور لما لا تجلس في منزلك والناس تصرف عليك من الممكن أن يعطيك الناس نقود ولكن لا أحد يعطيك كرامة).
يجادلك أبو كرم ويثير إنتباهك بثقافته الغزيرة وطرق طرحه ومناقشته الأمور والقضايا التي تبدأ بداخل الإنسان من الأزلية بين القضاء والقدر وبين مستقبل هل يأتي كما خطط له أو يزيد عليه قسوة. فهو يفضل البقاء هنا في السودان بدلا عن الهجرة لأوروبا بالرغم من تكاليف الحياة المرتفعة والتي قال فيها أبو كرم نحن والسودانيين إخوة ما يصيبهم يصيبنا. فقد استطاع أبو كرم الإندماج بالمجتمع السوداني بشكل كبير.
واليوم أبو كرم لم يكتف بمساعدة أسرته الصغيرة بل أخذ قرار مساعدة أسرته الكبيرة والعمل على مشروع لمساعدة العائلات ممن تضرروا بالحظر وانقطع رزقهم، على العمل من المنزل دون الإضطرار للخروج من المنزل ومواجهة الوباء القاتل.
قصة أبو كرم توضح لنا أن من يريد النجاح والحياة لن توقفه إعاقته الجسدية مهما كانت طالما أن لديه إرادة وطموح لتحقيق حلمه ولديه هدف يعيش لأجله.
The post قصة إنسانية مؤثرة .. السوري أبو كرم يتحدى الإعاقة في السودان appeared first on الانتباهة أون لاين.