إقتصاد

الخدمة المدنية امام تحدي كبير..زيادة المرتبات في السودان بين تحدي الاسعار ..و زيادة الانتاج!!

في وقت سابق أثار قرار رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاستهلاكية جدلا واسعا استمر طويلا، وطرحت عدد من المقترحات لرفع الدعم التدريجي على حسب رؤية وزير المالية، التي أدت إلى رفع أصوات المختصيين والخبراء الذين بدورهم شددوا على ضرورة أن يظل الدعم موجودا ويكون البحث عن بدائل أخرى لرفع الاقتصاد، والواضح أن وزير المالية لم يعتمد على البدائل التي تم اقتراحها من قبل الخبراء، واعتمد على رفع الدعم التدريجي الذي بدأت تظهر آثاره في المرحلة الاخيرة بشكل واضح، وتم رفع الدعم عن المحروقات والقمح، وفاجاء وزير المالية المواطنين بقرار زيادة المرتبات وزيادة الفصل الثانى بند الحوافز والمكافآت والعلاوات والترقيات والمنح، ورأى خبراء اقتصاديون أن ذلك القرار سوف يؤثر على الاقتصاد مستقبلاً إذا لم يتم وضع خطط وبرامج لرفع الانتاج.

زيادة الاجور
أصدرت وزارة المالية قراراً بزيادة الفصل الثاني، بند الحوافز والمكافآت والعلاوات والترقيات والمنح في الموازنة العامة للعام المالي 2020 / 2021، بارتفاع المخصصات بزيادة قدرها (33.8) مليار جنيه بنسبة 11.3%، مقابل نحـو (301.1) مليار جنيه في موازنة العام الماضي، وان تمثل موازنة الأجور نحو 19.6% مـن اجمالي مصروفات الموازنة التي تقدر بنحـو (1.713) تريليون جنيه، أرجعت وزارة المالية في بيان تحصلت (الجريدة) على نسخه منه، الزيادة الجديدة في بند الأجور بالموازنة الجديدة، إلى سعي الحكومة لتحسين الاوضاع الوظيفية للعاملين بالجهاز الإداري للدولة من خلال حزمة من العلاوات والزيادات والحوافز والبدلات وإقرار حركة ترقيات للمستوفين اشتراطات الترقية، ونوه البيان إلى أن يمنح الموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية علاوة دورية بنسبة 7% من الأجر الوظيفي في 30 يونيو 2020م بحد أدنى (75) جنيها شهريا ودون حد أقصى، بالاضافة إلى منح العاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية علاوة خاصة بنسبة 12% من المرتب الأساسي في 30 يونيو 2020 بحد أدنى (75) جنيها شهريا ودون حد أقصى، بجانب تحسين دخول الموظفين والعاملين بالدولة بإقرار حافز شهر إضافي بفئات مالية مقطوعة تتراوح بين (150) جنيها إلى (375) جنيها شهريا، بالاضافة إلى زيادة الإعفاء الضريبي من (15) ألف جنيه سنويا إلى (24) ألف جنيه سنويا لكافة العاملين بأجر استحداث شريحة ضريبية مخفضة بنسبة 2.5 % لأصحاب الدخول الأقل من (30) ألف جنيه سنويا، وتخفيض شرائح فئات الدخل المنخفض والمتوسط واستحداث شريحة لمن تزيد صافي دخولهم السنوية عن (400) ألف جنيه، تحسين دخل المعلمين والموجهين برياض الأطفال والصف الأول والثاني الإبتدائي، تحسين دخل أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمراكز والمعاهد والهيئات البحثية، زيادة بدل المهن الطبية 75% بتكلفة (2.25) مليار جنيه وزيادة مكافأة أطباء الامتياز لـ(2200).

الرقابة على الاسعار
وبالمقابل انتقد الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك قرار وزارة المالية في الزيادات التي شملت المرتبات ككل، وقال كان على الدولة أن تشدد الرقابة على الاسعار في الاسواق بدلا عن زيادات المرتبات، وان تعمل على توفير السلع الاستهلاكية من المنتج إلى المستهلك مباشرةً، وابعاد الوسطاء من اسعار السلع، ولفت إلى أن الزيادة في الاسعار تنعكس سلباً على قطاع الصادر والاستيراد مما يؤدي لتصاعد سعر العملة الاجنبية، واضاف كان يجب على الدولة أن تدخل في مجال الاستيراد بنفسها على حسب سعر الدولار في البنوك، واشار إلى أن الدولة في حاجة كبيرة للعملات الصعبة لتزيد من الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية في البنوك، كما كان يجب عليها أن تعيد الضرائب لبعض القطاعات مثل شركات الاتصال وترفع الضريبة من 7% الى 65% لكي يكون مخرج لتقليل سعر الصرف وفي نفس الوقت يقلل من الاسعار ولا تكون هناك ضررورة لزيادات المرتبات بالصورة الكبيرة الحالية، و ان تكون هناك انعكاسات سلبية مستقبلاً في حال عدم فرض الدولة دورها الرقابي على الاسواق، بجانب التدخل في سلسلة الانتاج والتوزيع وتوفير مستلزمات.

آثار سالبة
واكد الجاك على أن الزيادة في الاجور التي قامت بها الحكومة لها آثار سالبة في معدلات التضخم، وارجع ذلك إلى أن القوة الشرائية كبيرة بحيث انها أكبر من معدلات الزيادة في الانتاج، وقال إن الدولة أقرت في وقت سابق على انه لايوجد زيادة في الانتاج وانها تحاول أن تقوم بوضع خطط لزيادة الانتاجية، واردف: لكن لم تضح تلك الخطط، وشكك الجاك في مصادر تمويل تلك الزيادات في المرتبات، مبرراً بأن لايوجد ايرادات مالية، وطرح تسأل لوزير المالية هل تلك الزيادات ممولة من مصادر حقيقية او انها ممولة بالعجز؟.
واشار إلى أن اللجنة التي كونها وزير المالية لضبط زيادة الاجور، كانت تطالب بأن تكون زيادة المرتبات من مصادر لتمويلها، وفي معظم الحالات تقترح اللجنة أن المصادر لاتكون بالحجم الذي يغطي الزيادات المهولة، وقال إن القيمة الحقيقة في المرتبات متدنية لاتوازي الزيادة الحقيقية في الاسعار، وشدد الجاك على ضرورة ان تدخل الدولة في سلسلة الانتاج والتوزيع وتوفير المستلزمات، وان تدخل في مجال الاستيراد، كما شدد على ضرورة زيادة الضريبة على شركات الاتصال لتوفير الاحتياطي النقدي.

القدرة الانتاجية
على الرغم من أن تجاوز زيادة المرتبات والحوافز زيادات ضخمة وارتفعت زيادة المخصصات بنسبة كبيرة، إلا ان السوق لم يرحم تلك الزيادات، هذا ما أكده الخبير الاقتصادي د. ياسر محمد العبيد، وقال إن زيادة المرتبات تعد واحدة من الازمات التي تأزم المشاكل الاقتصادية بالبلاد في المرحلة القادمة، وارجع ذلك إلى أن القدرة الانتاجية ضعيفة بجانب ارتفاع معدلات التضخم التي ارتفعت بوتيرة تجاوزت نسبة 100%، بالاضافة الى ارتفاع الاسعار بشكل متضاعف بصفة عامة بنسبة 300% قبل استلام موظفي الخدمة المدنية مرتباتهم، ووصف قطاع الخدمة المدنية بأنه جهاز عاطل لا يقدم دوره الكامل، واكد على انه يحتاج لثورة معرفة كبيرة تتعلق بزيادة الانتاج، واعتبر العبيد ان زيادة المرتبات بنسبة 563% واحدة من التحديات التي تؤثر في الاقتصاد على المدى الطويل إذا ما ارتبطت بمنهج زيادة الانتاج والشفافية في كل المجالات، وقال: من المؤسف لم تحدد المالية الايرادات بصورة واضحة مقابل الزيادة الكبيرة التي قررت، التي تؤدي بدورها إلى مشكلة جديدة وهي طباعة عملة جديدة، والتي تعتبر واحدة من الاشكالات الكبيرة، وطالب بتوضيح ايرادات الموارد بصورة واضحة وشفافة خاصة وان ارتفاع الاسعار سوف ينتج أزمة في المستقبل القريب، وارجع ذلك الى ان الاسعار تتحكم فيها قوة أخرى (قوة السوق) التي تعمل في المضاربات والسمسرة، وشدد العبيد على ضرورة رفع القوة والطاقة الايرادية في كل القطاعات، وتوسيع المظلة الضريبية رأسياً وافقياً خاصة قطاع الاعمال خارج دائرة القطاع المصرفي، ودعا الجهات المختصة بوضع خطة اسعافية بغية الوصول إلى قطاع الدائرة المالية خاصة وان هناك أموال ضخمة يتم التضارب فيها خارج دائرة النظام المصرفي، كما شدد على ضرورة وضع خطط وبرامج عبر مختصين في الخدمة المدنية وتدعيمها من خارج الخدمة المدنية حتى يتم عمل خريطة كاملة الايرادات، بجانب أن يتم وضع برنامج متكامل لزيادة الانتاج بالمؤسسات الرسمية في الدولة، وزيادة ايرادات الموانئ والمطارات والطيران المدني فيما يتعلق في دائرة الانتاج، كما طالب بوضع خطة متكاملة للقطاع الخاص، ودعا وزارتي الطاقة والتعدين ووزارة الصناعة ان تقوم برفع الانتاجية الامامية والخلفية، ولفت العبيد إلى أن الخدمة المدنية أمام تحدي كبير وهو رفع الزيادات الانتاجية عبر النقابات والجمعيات، وعمل دراسة واقعية لتلك الزيادات في الهيكل الراتبي والمخصصات الاخرى.

فدوى خزرجي

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى