تسونامي في سعر الدولار بالسودان يقترب من 4000 جنيه

شهد الدولار الأميركي قفزة غير مسبوقة في السودان، حيث تجاوز سعره في السوق الموازي حاجز 3700 جنيه، مسجلاً أعلى مستوى منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، مقارنة بـ560 جنيهًا قبل الأزمة، وفق معلومات حصلت عليها ” الراي السوداني”، هذا الانفجار النقدي يعكس استمرار التدهور الحاد في قيمة الجنيه السوداني وتصاعد الأزمة الاقتصادية التي تهدد الاستقرار المالي والمعيشي.
وتأتي هذه القفزة بعد فترة قصيرة من الاستقرار النسبي، لتكشف هشاشة السوق المالي وضغوط السيولة الأجنبية المتزايدة، إذ تراوح سعر بيع الدولار بين 3550 و3700 جنيه، في حين بلغ سعر الشراء ما بين 3500 و3660 جنيهًا، بفارق يصل إلى 200 جنيه، مما يعكس حالة ارتباك عميقة في السوق الموازي.
على الصعيد الرسمي، شهدت البنوك التجارية محاولات رفع سعر الدولار إلى ما يقارب 2600 جنيه في بعض المؤسسات، في محاولة لتقليص الفجوة الكبيرة التي تتجاوز 1100 جنيه بين السعرين الرسمي والموازي. غير أن هذه الخطوات لم تنجح في تهدئة الأسواق، بسبب نقص المعروض من النقد الأجنبي وعجز البنوك عن تلبية الطلب المتزايد.
تشير بيانات اقتصادية إلى أن السودان يعاني من أزمة سيولة خانقة ونقص حاد في الاحتياطات الأجنبية، جراء توقف الصادرات وتراجع التحويلات الخارجية بشكل كبير منذ بدء الحرب، ما دفع السوق الموازي لأن يصبح المصدر الأساسي للعملات الصعبة، رغم تقلب أسعاره واختلافها بين المدن.
ويترافق هذا الانهيار النقدي مع تراجع اقتصادي كبير، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي من 56.3 مليار دولار في 2022 إلى 32.4 مليار دولار بنهاية 2025، بنسبة تراجع بلغت 42%، مما يعكس تداعيات الحرب على قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والتصدير.
يحذر خبراء اقتصاد من أن استمرار الحرب دون حلول سياسية شاملة قد يدفع الدولار لتجاوز 5000 جنيه خلال العام المقبل، في حال عدم تدخل عاجل من السلطات أو دعم دولي يوقف التدهور المالي.
وتشهد الأسواق المحلية تباينًا واضحًا في أسعار العملات، بفعل غياب الرقابة وتكاثر المضاربات، حيث تعتمد الأسعار على العرض والطلب في كل منطقة، مما يفاقم الفوضى النقدية ويصعب السيطرة على السوق الموازي.
ويعكس هذا الواقع المؤلم دخول السودان في نفق اقتصادي طويل الأمد، يتطلب إصلاحات جذرية للسياسات المالية والاقتصادية، خاصة في ظل توقف مؤسسات الدولة وضعف قدرة الحكومة على إدارة السوق أو توفير الموارد اللازمة لاستقرار العملة.
وفي ظل هذه التحديات، دعا محللون المجتمع الدولي والمؤسسات المالية إلى تقديم دعم عاجل للاقتصاد السوداني، عبر برامج إنقاذ نقدي ومساعدات فنية، لمنع انهيار العملة الوطنية الذي يهدد ملايين السودانيين.
تجمع آراء الخبراء على أن الجنيه السوداني يقف عند مفترق طرق حاسم، حيث إما اتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة تعيد الثقة للنظام المصرفي وتدعم التحويلات، أو الاستمرار في الانهيار الذي قد يصنف الجنيه ضمن أضعف العملات عالميًا خلال العام المقبل.