تشهد ولاية الخرطوم أزمة خانقة في مياه الشرب بعد أن دمرت الحرب شبكات الإمداد الرئيسية، مما أجبر المواطنين على اللجوء إلى الآبار والمبادرات الشعبية لتأمين احتياجاتهم، في وقت تبذل فيه السلطات محاولات لإعادة تشغيل المحطات المتضررة جزئيًا وسط تحديات الكهرباء وتراجع منسوب النيل.
في حي الديوم الشرقية، تضطر المواطنة آمنة سليمان جوهر إلى جر “الدرداقة” يوميًا بحثًا عن الماء بعد توقف الإمداد عبر الشبكات، نتيجة لتدمير ممنهج لمحطات المياه والكهرباء خلال فترة سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة. ورغم تحسن الوضع الأمني عقب إعلان القوات المسلحة تحرير الخرطوم، إلا أن الخدمات الأساسية لا تزال شبه غائبة.
المعاناة لم تقتصر على المياه والكهرباء، إذ تحولت بعض الساحات العامة في أحياء جنوب الخرطوم إلى مقابر مؤقتة بسبب منع الدفن في المقابر الرسمية خلال فترة الحرب، مثل ميدان رابطة المايقوما الذي تحول من ملعب رياضي إلى مقبرة.
كما تكدست النفايات واختلطت بمخلفات الحرب، ويتم التخلص منها بالحرق، ما يفاقم المخاطر الصحية. ويقول مواطنون إن عودة بعض الأسواق والأنشطة التجارية منحتهم بارقة أمل، لكنهم يشكون من ضعف الاتصالات وانقطاع الرواتب وتوقف سوق العمل.
في المقابل، بدأ بعض سكان الأحياء مثل أبو آدم والعزوزاب والدباسين وود عجيب بالاعتماد على مبادرات شعبية لتوفير طاقة شمسية تسهم في تشغيل مضخات المياه.
على الصعيد الرسمي، أوضح المدير العام لهيئة مياه الخرطوم، المهندس محمد علي العجب، أن الهيئة تعمل على إعادة تشغيل خمس محطات رئيسية، أبرزها محطة الشجرة التي عادت للعمل جزئيًا قبل أن تتوقف بسبب أعطال في الخطوط الناقلة. وأكد أن محطة بيت المال بأم درمان دخلت الخدمة بطاقة تشغيل 60% فقط، فيما وصلت محطة الجريف شرق إلى المراحل النهائية للتشغيل.
وفي بحري، استؤنف الضخ جزئيًا، مع التحضير لتشغيل مضخة إضافية بمحطة الصهريج. أما في جبل أولياء، فقد دُمّر خطان من أصل ثلاثة خطوط، بينما استُعيد العمل في خط واحد يغطي جزءًا من احتياجات المنطقة والكلاكلات جنوب العاصمة.