بعد زيارة رئيس الوزراء السوداني د. كامل إدريس إلى العاصمة المصرية القاهرة، والتي كانت مقررة لتعزيز ملفات التعاون السياسي والاقتصادي، شهدت تحولًا غير متوقع أثار جدلاً واسعًا داخل الأوساط الإعلامية والشعبية، عقب توقفه المفاجئ أمام مقهى “حديث المدينة” الشعبي، ولقائه بعدد من أفراد الجالية السودانية هناك.
وأظهرت مقاطع مصوّرة تداولها نشطاء على منصات التواصل، إدريس وهو يترجّل من سيارته وسط موكب رسمي ليحيّي مواطنين سودانيين خارج أحد المقاهي المعروفة بتجمع السودانيين في القاهرة، في خطوة وصفت بأنها “إنسانية” من جهة، و”غير دبلوماسية” من جهة أخرى، وفق آراء متباينة.
انتقادات حادة ورسائل متعددة
إن غياب وزراء بارزين ضمن الوفد الرسمي – من بينهم وزير المالية ووزيرة الصناعة – أثار انتقادات لاذعة من بعض الصحفيين، كان أبرزهم همام محمد الفاتح الذي اعتبر أن توقف إدريس في المقهى يمثل “انهيارًا للزيارة” ويعكس ضعفًا في التنسيق الرسمي، متسائلًا: “هل يجلس أي مسؤول مصري رفيع في مقهى شعبي؟”.
أما الإعلامية جدية عثمان، فقد كتبت في عمودها “مسافات”، أن الموقف لم يكن عابرًا، بل يعكس قيم التواضع السودانية، مضيفة: “ذلك ليس مجرد تصرّف بروتوكولي بل تجسيد حيّ لأخلاقنا التي تجعل من السلام عنواناً، ومن الودّ جسراً”.
خلفيات وترتيبات خفية؟
الصحفي علم الدين عمر ألمح إلى أن الزيارة لم تكن عفوية بالكامل، بل “مقصودة وتم ترتيبها”، مستشهدًا بتحرك الموكب مباشرة نحو المقهى، الذي يقع أساسًا في شارع مفتوح يسهل الوصول إليه، مرجّحًا أن إدريس كان يهدف لإيصال رسائل رمزية إلى الجالية السودانية في مصر.
وفي ذات السياق، وصفت الإعلامية داليا الياس مرور رئيس الوزراء بالمقهى بأنه “لقاء شعبي مفتوح مع الجالية”، مستغربة ما أسمته “الإنصرافية المدفوعة بالجهالة”، ودعت للتركيز على مخرجات الزيارة مثل ملف التأشيرات والمعابر والتعليم وربط الكهرباء وتسوية الديون.
انعكاسات محتملة وأبعاد أعمق
محللون يرون أن هذه اللفتة، رغم بساطتها، أظهرت تناقضًا في طريقة التعاطي مع رمزية القيادة. ففي حين عدّها البعض محاولة لكسب شعبية، رآها آخرون دليلاً على تحوّل في فلسفة الحكم، نحو مزيد من التواصل المباشر.
الحدث الذي كان من الممكن أن يمر بهدوء، تحوّل إلى مرآة تكشف هشاشة التنسيق التنفيذي من جهة، وشغف المواطن السوداني لأي بادرة تقارب حقيقية من جهة أخرى.